كلمة 26 سبتمبر: المعركة الأهم!!

وانتصاراتها العظيمة في مواجهة الحرب العدوانية المستمرة للعام السادس على التوالي توشك أن تبلغ غايتها ولكن تبقى المعركة الحقيقية مع الفساد المتراكم عبر عقود من حكم أنظمة جعلت من الفساد والإفساد الداخلي أساساً لتبرير عمالتها وخيانتها ورهن الوطن وقراره للإرادات الخارجية..
ومثلما تمكنت القيادة الوطنية الثورية والسياسية والعسكرية من مواجهة عدوان التحالف الأمريكي السعودي البريطاني الإماراتي الصهيوني بدأت تخوض بالتوازي معركة شعبنا ضد الفساد والمفسدين على الأرض..
وهنا ينبغي التأكيد على حقيقة أن معركتنا مع الفساد أعمق وأكثر صعوبة وتعقيداً من مواجهة أعداء الوطن الخارجيين.. فهؤلاء على الأقل باتوا اليوم أكثر وضوحاً والمواجهة معهم تتجه إلى الحسم, أما الأعداء الداخليون وعلى رأسهم الفاسدون الذين تطبعوا على هذا السلوك الخطير فإن مسالة المواجهة معهم تستوجب امتلاك الأدوات والوسائل والأساليب ليس فقط القانونية والأمنية, بل أيضاً التربوية القيمية والأخلاقية, وهذا يقتضي إعادة النظر في بنية كل مفاصل الدولة بأجهزتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والمالية والإدارية, وقبل هذا وبعده إحداث تغيير جوهري في منظومة الوعي الثقافي القيمي للمجتمع كله..
صحيح ان هناك في هذه المعركة مواجهات آتية مباشرة خاصة لأولئك الذين أصبحت عفونة فسادهم تزكم الأنوف, ولكن يبقى الأهم وهو العمل الدؤوب وبذل الجهود لتغيير المجتمع بكل مكوناته وشرائحه باتجاه استعادة روح المسؤولية انطلاقاً من تكريس الهوية الإيمانية والوطنية لدى مختلف شرائحه والمؤسسة على إدراك حقيقة أن المصلحة الفردية لا يمكن ان تكون بدون الحرص المسؤول على مصلحة المجتمع والشعب في كليته وصولاً إلى تحقق الوعي بأن هذا مرتبط بمصلحة الأمة ولا مكان لأنانية المصالح الشخصية والشللية والحزبية والمناطقية الضيقة, ولا أحد أياً كان فوق القانون, ولا فاسد سينجو من العقاب إذا أردنا النهوض وبناء الدولة اليمنية المستقلة القوية والقادرة والعادلة..
وفي هذا السياق علينا التركيز على إنزال العقاب الرادع بكل من يثبت فساده, وبالمقابل تقديم القدوة والمثال في كل من يتحمل المسؤولية في أي موقع مهما صغر وصولاً إلى أعلى المستويات, وهذه معركة جادة وتتطلب وعي وتكاتف جهود كل المخلصين في هذا الوطن.. وعندما نجد كل فاسد يتحسس رأسه عندها نتبين لنا أننا نسير في الاتجاه الصحيح..