الصفحة الإقتصادية

التمكين الاقتصادي .. جبهة مراكبة لفرض معادلة جديدة

التمكين الاقتصادي .. جبهة مراكبة لفرض معادلة جديدة

رشيد الحداد
احتفت الهيئة العامة للزكاة مؤخراً بتخرج الدفعة الأولى من مشروع التمكين الاقتصادي لعدد  ٥٠٠ خريج تلقوا التدريب والتأهيل المهني الجيد في  أكثر من ١٥ معهداً من المعاهد المهنية المتخصصة،

ولكن هذا الاحتفاء الذي حضرة رئيس المجلس السياسي الاعلى المشير الركن ، مهدي المشاط  لم يكن إحتفاءًا عابرًا ، بل تدشين الخطوة الأولى من مشروع التمكين الاقتصادي بعد استكمال الترتيبات اللازمة للنهوض بقطاع المشاريع الصغيرة ، والتي بدأت منذ قرابة عام ابتداءًا بتأهيل اماكن ومعاهد التدريب واختيار المجالات الهامة التي يمكن أن يكون التدريب فيها مجديًا ودراسة السوق لمعرفة الفرص التي يحتاجها ودراسة جدوى لأكثر من أربعين مشروعاً ، ومن ثم تدريب وتأهيل المستفيدين من مشروع التمكين ، وكذلك تمكينهم من الحصول على حقائب مهنية بتمويل من هيئة الزكاة ، يضاف إلى فتح باب الحصول على تمويل مشروعات خاصة بالمستفيدين من برنامج التمكين ،  ولا يتوقف دور الهيئة في هذه المرحلة ، بل تضع المشاريع الممولة تحت المتابعة والتقييم لمستوى نجاحها ومعالجة أي مشاكل او تذليل أي تحديات قد تتسبب بفشلها ، وهو ما يعكس رؤيا شاملة لدى الهيئة وكذلك بمشاركة هيئة تنمية المشاريع الصغيرة والأصغر ، تسعى من خلالها رفع القدرات المهنية  شريحة واسعة من مستحقي الزكاة وتمكينهم من اكتساب مهارات عملية ستمكنهم من الاعتماد على الذات وممارسة أنشطة مختلفة لينعكس ذلك على حياتهم وحياة أسرهم إيجاباً وينقلهم من مستحقي زكاة إلى دافعي زكاة وهناك تجارب مشابهة في ماليزيا قام بها صندوق الزكاة الماليزي في عهد مهاتير محمد واستفادت منها عدد من الدول العربية كمصر والكويت نظراً للنجاح الكبير الذي حققته ماليزيا في هذا الجانب.. ونظراً لتداعيات العدوان والحصار على التدريب المهني والتقني في اليمن ، فإن هذه الخطوة كانت صعبة في بداياتها خاصة وأن معاهد التدريب والتأهيل خارج الجاهزية وكذلك انعدام وجود رؤية للنهوض بهذا النوع من المشاريع الهامة والحيوية والتي من خلالها تمكنت الكثير من الدول النامية من التغلب على طامة الفقر والبطالة واستطاعت أن تحول عشرات الآلاف من شبابها من طاقات مفرغة إلى طاقات إنتاجية تساهم في التنمية في البلد وتلعب دوراً حيوياً في رفع عدد معدلات النمو الاقتصادي فيها ، خاصة وأن المشاريع الصغيرة والأصفر  تنمو في كثير من دول العالم لتتحول إلى مشاريع كبيرة إنتاجية وخدمية .
هذا التوجه الذي يأتي تنفيذاً لتوجيهات قائد الثورة ، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ،  والرئيس مهدي المشاط ، ويؤكد رؤية القيادة الواسعة لإيجاد الحلول الناجعة للتخفيف من حدة الفقر ومعدلات البطالة المتصاعدة في أوساط اليمنيين نتيجة العدوان والحصار ، لن يقتصر على هيئة الزكاة دون غيرها من المؤسسات الفاعلة والقادرة على لعب دور فعال في تحويل التمكين الاقتصادي من برنامج تموله هيئة الزكاة إلى مشروع وطني واسع في المستقبل القريب ، ولعل توجيهات الرئيس المشاط الصادرة للهيئة العامة للأوقاف بالمساهمة في مشاريع التمكين الاقتصادي للفقراء ، سيكون له دور كبير في تمكين  الالف من الشباب العاطلين على العمل من الحصول على فرص التدريب والتأهيل والتمويل لإنشاء مشاريع صغيرة واصغر في مختلف المحافظات الحرة ، خاصة وأن هيئة الأوقاف أسهمت منذ تأسيسها بالتخفيف من معاناة عشرات الآلاف من المواطنين في مجال تقديم المساعدات الإنسانية ، وسيكون لها دور في مجال التمكين الاقتصادي.
وكون ثمار العمل الجماعي تكون كبيرة ، فإن مخرجات مشروع التمكين الاقتصادي ستكون أيضاً كبيرة في المستقبل القريب ، خاصة وأن برنامج التمكين استوعب ٥٠٠ شاب متدرب وتم تمكين المتدربين لإنشاء ٥٠٠ مشروع صغير قد يسهم في توفير  ما بين ٥٠٠ _  ١٠٠٠ فرصة عمل للشباب العاطلين ، ولكن الخطوة الثانية سيتم استيعاب ضعف المستفيدين من البرنامج من  الخطوة الأولى في العاصمة صنعاء بعد تأهيل معاهد التدريب والتأهيل وتجهيزها بالماكنات والمعدات الحديثة اللازمة للتدريب ، ومن خلال مشاركة الهيئة العامة للأوقاف سوف يتسع نطاق التمكين الاقتصادي للشباب إلى محافظات أخرى وفق دراسات الجدوى ومسح السوق لمعرفة مدى الفرص المتاحة للمتدربين بعد التدريب والتأهيل والتمويل ، وما مدى النجاحات المتاحة ، وما نوع التهديدات التي قد تواجه مخرجات برنامج التمكين والتأهيل الفني والتقني للشباب والمعالجات التي تتطلبها حتى نضمن نجاح مشاريع التمكين ، ونقدمها كنماذج حية تسهم في مجال التنمية في المستقبل .
خاصة وأن تقادم وسائل وبرامج التدريب التي كانت معتمدة في المعاهد الخاصة بالتدريب المهني  قبل العدوان ، تسببت بضعف مخرجات التدريب المهني والتقني وعدم مواكبتها لمتطلبات السوق ، ورغم ذلك وضع استهدف تحالف العدوان  المعاهد المهنية في مختلف المحافظات الحرة في قائمة أهدافه العدوانية ، وتشير خارطة الاستهداف والتدمير الناتجة عن الإستهداف المباشر التي طالت البنية التحتية اليمنية ، إلى أن المعاهد الخاصة بالتدريب المهني والتقني  كانت في قائمة الأهداف المدنية التي تعرضت للتدمير خلال السنوات الماضية  ، وذلك ليس صدفة بل إن استهداف أكثر من ٣٥٠ معهدًا مهنيًا وتقني من قبل طيران العدوان يهدف إلى إعاقة مستقبل اليمنيين كون مؤسسات التدريب والتأهيل الفني والتقني تعد محركات ديناميكية في أي بلد وتسهم في تأهيل وتدريب الآلاف من الشباب ورفد السوق المحلي أو الأجنبي بكوادر مؤهلة تمتلك مهارات وخبرات متعددة ، خلافاً لمخرجات الجامعات التي لا تواكب في الغالب مطالب السوق ولا تنسجم مع أولويات التنمية وخاصة الكليات والأقسام النظرية .
وان كان  الاهتمام بالمشاريع الصغيرة والأصفر في ظل العدوان والحصار الذي تسبب بارتفاع معدلات الفقر إلى ٧٨ %,ورفع معدلات البطالة إلى أكثر من 65% ، أولوية لتخفيف معاناة اليمنيين ، فإنه أيضاً وسيلة ناجحة من وسائل مواجهة العدوان وكسر الحصار ، كون النهوض بهذا القطاع الهام سيعزز وحدة الصف الداخلي وصمود اليمنيين، وسيفتح أبواباً ظلت مغلقة طيلة العقود الماضية أمام الشباب اليمني ، فالتمكين الاقتصادي جبهة جديدة سوف تتيح للكثير من الشباب اليمني فرصة الحصول على التدريب والتأهيل والتمويل لفتح مشاريع خدمية وإنتاجية صغيرة  سيكون لها تداعيات إيجابية على حياتهم المعيشية وعلى الاقتصاد الوطني ككل ، وكما تمكن اليمنيين من تغيير العديد من المعادلات في ظل ظروف قاسية خلال السنوات الماضية ، فإنهم في هذا المجال سوف يغيرون معادلة الفقر والبطالة من خلال التمكين الاقتصادي للشباب والاهتمام بقطاع المشاريع الصغيرة والأصفر .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا