الصفحة الإقتصادية

تنمية القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي .. المعركة الأهم والأكبر ( 2-2 )

تنمية القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي .. المعركة الأهم والأكبر ( 2-2 )

ما تمر به دول أوروبا من أحداث في الجانب العسكري والسياسي والاقتصادي نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا التي تصاعدت فيها المخاوف

خصوصا على الوضع المعيشي وسوق الطاقة جراء العجز في مادة القمح والنفط حيث وصلت أسعار القمح في بورصة شيكاغو إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2008م غير أن تلك الأحداث سوف تنعكس سلبا على اليمن واليمنيين بسبب الحرب في أوكرانيا وما تشكله من تهديد للأمن الغذائي الذي تأثر بشكل كبير خلال الثمانية الأعوام السابقة نتيجة العدوان والحصار والحرب الاقتصادية التي استهدفت الاقتصاد اليمني بشكل مباشر وغير مباشر وتسببت بأزمة إنسانية تشير إليها تقارير المنظمات الدولية بأنها الأسوأ في العالم .
ولأن اليمن يستورد معظم احتياجاته من القمح والحبوب من الخارج وبما يعادل 95% وما ينتجه فقط 2.8% وهذا ما جاء ضمن النشرة الاقتصادية لوزارة التخطيط عام 2017م حيث تعتمد اليمن على الكميات المستوردة من القمح الروسي والأوكراني بنحو الثلث من إجمالي احتياجها وما زاد الوضع تأثرا هو ما أعقب ذلك من ارتفاع سعر القمح عالميا والتذبذبات في أسعار صرف العملة والأزمة الحاصلة في أسواق النفط وكل هذه المعطيات مجتمعة ستؤثر على دول العالم بشكل عام وعلى اليمن بشكل خاص .
وأمام هذه الصعوبات التي تفرض نفسها على العالم يقع على عاتق حكومة الإنقاذ مهام كبيرة تتمثل في ضرورة البدء باتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة في تغطية العجز في فاتورة الاستيراد من مادة القمح والحبوب التي كان يتم استيرادها من أوكرانيا وروسيا والبحث عن بدائل عاجلة لاستيرادها على المدى القصير حتى لا تتعرض اليمن لأزمة أمن غذائي وعلى المدى المتوسط والطويل في ضرورة القيام بتأمين هذه المواد الأساسية من القمح والحبوب عبر إنتاجها محليا وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها ولو بشكل تدريجي خصوصا أن لدينا فرصة كبيرة ومقومات أساسية يعتمد عليها في إنتاج القمح والحبوب ولا ينقصنا إلا أن نسعى لاستغلالها وذلك عن طريق تسخير جميع الإمكانيات المادية والفنية التي لدى الجانب الرسمي وبتعاون ومساهمة مجتمعية وبمشاركة القطاع الخاص والوصول إلى المراحل الأولى من تحقيق الاكتفاء الذاتي.. وعلى الدولة أيضا أن تتحرك بجدية لتطوير هذا الجانب حيث تقدر المساحات القابلة للزراعة في اليمن بملايين الهكتارات وتتوزع في السهول والأودية والمدرجات الجبلية وقد أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي - يحفظه الله - في كثير من محاضراته على ضرورة العمل على تطوير الإنتاج المحلي والسعي للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي بدلا من الاعتماد على المنتجات الخارجية وأيضا ما جاء في توجيهات قائد الثورة على ضرورة التوجه الجاد نحو الزراعة والإنتاج المحلي من القمح والحبوب والمنتجات الزراعية الأخرى لتقليل فاتورة الاستيراد الخارجي التي تقدر بمئات المليارات من العملة الأجنبية وتحقيق الاكتفاء الذاتي ولاسيما في هذه الظروف التي يعاني فيها الشعب اليمني جراء العدوان والحصار والحرب الاقتصادي ويأتي ذلك أيضا في إطار مشروع الرئيس الشهيد (يد تحمي.. ويد تبني) وما جاء في مصفوفة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة وما تضمنته من مشاريع وأنشطة تسهم في خدمة المجتمع وتأمين احتياجهم من السلع الأساسية وهنا يجب أن يحظى المزارعون بالدعم والمساندة اللازمة.. وبالفعل في السنوات الأخيرة اتجهت الدولة ممثلة باللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والجهات الأخرى المختصة في تشجيع ودعم مزارعي القمح والحبوب بجميع أنواعها وجميع المنتجات الزراعية الأخرى واستصلاح الأراضي في العديد من المناطق والمحافظات الزراعية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي حيث حققت بعض المناطق الزراعية وفرة كبيرة في الإنتاج من الحبوب وانخفضت فاتورة الاستيراد في هذا الجانب ورغم كل الجهود التي تبذل ولكن ذلك لا يكفي حيث يجب على جميع أجهزت ومؤسسات الدولة لتغطية الفجوة الكبيرة في القمح والحبوب ولو بنسبة 30% بصورة أولية .
والوقوف بجدية وجعلها أولوية وطنية عظمى والعمل على مساندة الخطوات التي تقوم بها اللجنة الزراعية والسمكية العليا وتسخير جميع الإمكانيات اللازمة في الدولة وتوفير التمويل الحكومي اللازم وفق الممكن والمتاح وعدم انتظار القطاع الخاص ليقوم بدوره لأنه عندما يلمس التجار والمستثمرين ويرون الجدية في نجاح الجانب الحكومي فإنهم سيتجهون بكامل طاقته وإمكاناته للاستثمار في هذا القطاع الحيوي والمهم ولان همهم في المقام الأول هو الربح.. وهنا لا نحتاج إلى خطط استراتيجية طويلة المدى وإنما نريد خطة زراعية وغذائية استراتيجية قصيرة المدى لإنتاج الغذاء من القمح والحبوب  حيث أن ارض تهامة والجوف وبقية الأراضي الزراعية لا تحتاج إلى استصلاح زراعي وإنما تحتاج إلى استثمار ومن جهة أخرى يجب أن يكون تشجيع المزارع اليمني من خلال اتخاذ إجراءات تنفيذية عملية ومن خلال سن القوانين لتذليل الصعوبات التي يواجهها المزارع ومنحه الدعم اللازم والتمويل الذي يحتاج إليه من مرحلة الإنتاج حتى مرحلة تسويق منتجه الزراعي.
ودليل النجاح الذي تحقق في القطاع الزراعي ما لاحظناه في فترة العدوان حيث ظهرت الكثير من المنتجات الزراعية ومنها الفواكه والخضروات متوفرة وغطت الاحتياج المحلي وبأسعار مناسبة ورخيصة وهي غنية بالمكملات الغذائية المفيدة صحيا  مقارنة بمثيلاتها من المنتجات المستوردة ولكن ترتفع أسعار المنتج الزراعي المحلي من القمح والحبوب بسبب قلة المحصول وارتفاع تكاليف إنتاجه والضعف في إجراءات التسويق لهذا المنتج وكذلك دور المواطن السلبي الذي يٌقبل على شراء المنتجات المستوردة وزيادة الطلب على شراءها مما يؤدي إلى عدم تشجيع المزارع المحلي في الإنتاج لهذا فان السعي الجاد لإنتاج القمح والحبوب يعتبر كضرورة فرضتها التهديدات القائمة عالميا والتداعيات الكارثية التي تسبب بها العدوان القائم على اليمن بهدف رفع نسبة الاكتفاء لتأمين الغذاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي ولارتباطه الكبير باستقلالية القرار السياسي اليمني وتحرير الإرادة اليمنية.. ومن التوصيـات التي يجب العمل بها هي  إعداد مشروع  قانون لحماية المنتجات المحلية الزراعية والصناعية انسجاماً مع المتغيرات التي طرأت على الاقتصاد اليمني والعمل بمبدأ حرية التجارة وفتح الأسواق أمام التجارة العالمية بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي واستخدام الأساليب العلمية والحديثة لتطوير ونهضة القطاع الزراعي وفتح أبواب الاستثمار وإقرار الحوافز اللازمة لتشجيع المستثمرين وجذب رؤوس الأموال المحلية والخارجية للعمل بالقطاع الزراعي وتشجيع المنتجات الزراعية الوطنية ومنع حدوث ضرر قد يلحق بها من الممارسات الضارة من سياسات إغراق الأسواق بالمنتجات أو الزيادات غير المبررة في الواردات أو المنتجات المستوردة التي تدعمها الدول المصدرة بما يؤدي إلى فقدان شروط المنافسة العادلة وضرر يلحق المنتج الزراعي المحلي .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا