الصفحة الإقتصادية

واقع الاقتصاد اليمني في ظل ثماني سنوات من العدوان والحصار وأولوية تنفيذ استراتيجية وطنية اقتصادية (1-2)

واقع الاقتصاد اليمني في ظل ثماني سنوات من العدوان والحصار وأولوية تنفيذ استراتيجية وطنية اقتصادية (1-2)

في ظل ثماني سنوات من العدوان والحصار الاقتصادي على اليمن عمدت دول تحالف العدوان إلى تدمير كافة مقومات الحياة من منشآت إنتاجية وخدمية

وبنى تحتية خاصة وعامة حيث يلعب القطاع الحكومي والقطاع العام دوراً محورياً في تحريك عجلة النمو الاقتصادي لأنه يساهم بحوالي 46%من إجمالي الناتج المحلي و52.6% من الطلب الكلي ويوظف حوالي 31% من السكان العاملين ويدفع مرتبات حوالي 1.25 مليون موظف وقد واجه اليمن ظروفا اقتصادية واجتماعية وإنسانية وسياسية وأمنية غير مسبوقة بسبب العدوان والحصار والحرب الاقتصادية للعام الثامن على التوالي والتي أدت في السنوات الأولى من العدوان إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (48%) وارتفاع المستوى العام للأسعار مما خسر الأفراد ما يعادل أكثر من ثلثي دخولهم وتوقف جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية وتوقفت البرامج الاستثمارية الحكومية وجزء كبير من الاستثمارات الخاصة مما أدى إلى انسحاب اغلب المستثمرين الأجانب وخروج رأس المال الوطني إلى الخارج بحثا عن بيئة أمنة كما توقفت صادرات النفط والغاز الطبيعي وتعليق التعهدات من المنح والقروض الخارجية وانخفاض الإيرادات إضافة إلى تكرار الأزمات الحادة في السيولة النقدية وفي الوقود والكهرباء .
الأمر الذي يشير إلى أن اليمن يواجه وضعاً غير مسبوق في تدهور مؤشرات التنمية وتراجع أداء المؤسسات وتفاقم الأزمة الإنسانية حيث تشير التقارير إلى أن ما يقارب (90%) من السكان تحت خط الفقر و(35%) منهم وصلوا إلى المرحلة الخامسة من المجاعة فضلاً عن التدمير الذي لحق بأجزاء كبيره من البنية التحتية والمنشآت العامة والخاصة ولا يزال اليمن يواجه أزمة إنسانية واجتماعية واقتصادية غير مسبوقة في العالم وفي ظل العام الثامن من العدوان والحصار فقد أسهم كل ذلك في الحاق الضرر الكبير في تعطيل الخدمات الأساسية  وتسبب في كارثة إنسانية نتيجة التداعيات للعدوان والحرب الاقتصادية على اليمن .
وفي ظل الحصار والحرب الاقتصادية قامت دول تحالف العدوان ومرتزقتهم باستخدام كل الطرق والوسائل لتدمير الاقتصاد الوطني ونهب ثرواته السيادية من النفط والغاز ونهب المتحصلات الضريبية والجمركية من الممرات البرية والبحرية ونهب ومصادرة الاحتياطيات الخارجية من العملة الاجنبية ومما لا شك فيه فانه في ظل العدوان والحصار الاقتصادي على اليمن يختلف الوضع حيث انها حرب غير متوازنة وحصار خارجي بهدف تجويع الشعب وإخضاعه بالقوة للأجندة الخارجية التي لا تسمح بتصدير ثرواته وخاصة النفطية والتي تجعل الدولة تعتمد على مواردها الداخلية حيث تم نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء إلى عدن بإشراف منظمة الأمم المتحدة وتآمر دولي واسع وعدم الوفاء بالتزامات  حكومة المرتزقة أمام العالم بصرف جميع مرتبات الموظفين.
كما باشروا باتخاذ إجراءات فاشلة في السياسة المالية والنقدية ومخالفة لقوانين الإصدار النقدي في البنك المركزي وإضعاف الاقتصاد بالاتجاه إلى المضاربة بالعملة الوطنية ووضع القيود على الصادرات والواردات ومنع دخول سفن المواد الأساسية والمشتقات النفطية ومحاولاتهم البائسة لتجفيف النقد الأجنبي عبر وضع القيود على المغتربين وعجز البنك المركزي عن تغطية احتياجاته من العملة الأجنبية وكذلك قامت حكومة المرتزقة بنهب عائدات النفط الخام المنتج من حقول محافظات حضرموت وشبوة ومأرب وتعطيل الإنتاج واحتلال مواقع ومنشئات التصدير حيث بلغت قيمتها أكثر من 12 تريليون وما زالوا ينهبون النفط الخام عبر ناقلات نفط عملاقة حيث يتم توريد قيمة تلك العائدات إلى البنوك في الخارج منها البنك الأهلي في الرياض وتكفي تلك العائدات لصرف مرتبات الموظفين لعشرات السنين وتنفيذ جميع الالتزامات والمشاريع التي تعمل على تنمية الاقتصاد الوطني والكثير من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم
وعلى إثر تهديدات السفير الأمريكي وإعلانه الحرب على العملة اليمنية بأنه سيجعل العملة لا تساوي الحبر الذي طبعت به وبالفعل تم طباعة ما يقارب خمسة تريليونات ريال يمني وهي نسبة ما تم طباعته خلال أكثر من خمسين عاماً وهذا السبب الرئيسي الذي أدى إلى تدهور العملة الوطنية لان قوة العملة تٌستمد من قوة مصدرها ومرتبطة باقتصادها وميزان المدفوعات والناتج المحلي والأوضاع السياسية والاقتصادية للدولة وترتبت على طباعة العملة غير القانونية آثار مالية واقتصادية كبيرة منها التضخم للسلع والخدمات في الأسواق وارتفاع مدخلات الإنتاج وانخفاض القوة الشرائية للعملة حيث ارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلك من 194 نقطة نهاية ديسمبر 2014م إلى 476 نقطة نهاية ديسمبر 2021م بمعدل تضخم تراكمي بلغ حوالي 145.3% نهاية الفترة نتيجة العدوان والحصار على اليمن الذي سببه الإصدار النقدي الجديد مقابل عدم وجود إنتاج محلي للسلع والخدمات.
وفي مقابل ذلك قامت حكومة الإنقاذ باتخاذ إجراءات ضرورية للحفاظ على العملة الوطنية من التدهور في تنفيذ قرار البنك المركزي منع التداول بالعملة المطبوعة غير القانونية وأيضا من خلال تدشين البرامج الوطنية التنفيذية لإنعاش الاقتصاد الوطني في يناير من العام 2020م ويأتي هذا التدشين في ظل الانتصارات العسكرية والسياسية والاقتصادية من خلال تفعيل دور البنك المركزي اليمني في صنعاء من اتخاذ إجراءات تحمي العملة الوطنية وتحافظ على الاقتصاد الوطني من خلال تنفيذ إجراءات حازمة في السياسة النقدية للدفع بعجلة النمو والتنمية هذا وقد عملت حكومة الإنقاذ بالتعاون مع المجتمع والقطاع الخاص في إطار ما هو متاح على استمرار إمدادات السلع و الخدمات الأساسية في مستوياتها الدنيا إلى جانب حفظ الأمن ما ساهم في استمرار بعض الأنشطة الاقتصادية وبالتالي تأمين الحد الأدنى من فرص العمل وتدفق الموارد الاقتصادية.     
وقد واجهت مالية الدولة صعوبات كبيرة في ظل الوضع الراهن كما ان وضع المالية العامة يعكس مدى قدرة الدولة على القيام بوظائفها المختلفة لضمان وضع معيشي أفضل للمجتمع حيث تعد الموازنة العامة من أهم أدوات تنفيذ السياسة العامة لتحقيق أهداف الدولة الاقتصادية والاجتماعية ووضع المالية العامة في اليمن أصبح غاية في الصعوبة بحسب ما توضحه المؤشرات والبيانات المالية جراء تداعيات العدوان والحصار ما ساهم في استمرار تردي الوضع المعيشي الذي انعكس على استمرار نقص الخدمات العامة وضعف قيام الحكومة بوظائفها التنموية والخدمية ما ساهم في تفاقم الصعوبات أمام المستثمرين والمنتجين وأيضا المستهلكين وكذا الآثار غير المباشرة الناجمة عن ما افرزه هذا التدهور من مضاعفات وأزمات وفي ظل أكثر من ست سنوات من العدوان والحصار الاقتصادي شهد اليمن متغيرات وأحداث أثرت على أداء الاقتصاد القومي حيث سيطرت دول العدوان ومرتزقتها على الجزء الاكبر من موارد البلاد المالية والاقتصادية.
وتوضح بيانات التجارة الخارجية مدى اعتماد الاقتصاد الوطني على العالم الخارجي كما تبين تركيبة ونوع وطبيعة السلع المصدرة وكذلك المستوردة تدني نسبة الاكتفاء الذاتي واليمن تستورد ما نسبته 90% من إجمالي السلع الأساسية وأكثر من 70% من احتياجاتنا تأتي من المنافذ التي يسيطر عليها مرتزقة العدوان في المناطق المحتلة ويتحكمون وينهبون الإيرادات المتحصلة منها ويعتبر الإنتاج الوطني من أهم أعمدة وركائز بناء الدول وتعزيز السيادة والاستقلال الوطني ولتحقيق ذلك يستوجب ان يكون الإنتاج الوطني يغطى أولويات الاحتياج في السوق الوطنية بسلع ذات جودة عالية وأسعار مناسبة ومنافسة للسلع المستوردة ولكن يلاحظ أن الإنتاج الوطني يعاني من تدهور وانفلات مريع يعود الى غياب الإدارة الجيدة لهذا الموضوع بشكل مهني فني وإبداعي يعزز من دور المنتج الوطني ويجعل منه سلعه تنافسية في السوق المحلية وحتى في السوق العالمية.
  * وكيل وزارة المالية
 كاتب وباحث في الشأن الاقتصادي

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا