الصفحة الإقتصادية

البيتكوين بين مطرقة الأنظمة الاقتصادية العالمية وتوجهات المستثمرين

البيتكوين بين مطرقة الأنظمة الاقتصادية العالمية وتوجهات المستثمرين

شهدت العملات الرقمية انخفاضا ملحوظا يوم 23 مايو 2021م وعلى راسها عملة البيتكوين التي انخفضت بنسبة 50% من اعلى قيمة بلغته خلال العام الحالي واستقر عند سعر 32,601$ بعد ان بلغ 64,895$ في 14 ابريل من العام الحالي, في حين شهدت العملات الرقمية الأخرى انخفاضاً موازياً بنسب اقل ابرزها Ether التابعة لمنصة Ethereum بنسبة بلغت 17% وبسعر 1905$ بانخفاض بلغ 391.3$ بعد اخر اغلاق.
ويعزى هذا الانخفاض لعدة أسباب أهمها تحرك الولايات المتحدة الامريكية والصين لتشديد اللوائح التنظيمية وقواعد الامتثال الضريبي الخاصة بالعملات المشفرة, وفي هذا السياق قامت إدارة الرئيس الأمريكي بايدن بتقديم مشروع قرار يلزم المنصات العالمية للإفصاح عن بيانات التداول التي تفوق مبلغ 10,000$ لوحدة خدمة الإيرادات الداخلية IRS, ويأتي مشروع القرار كجزء من تقارير الخزانة التي توضح استثمار 80 مليار دولار في وكالة الضرائب الامريكية بحلول العام 2031م لتطوير تحصيل الدخل في ظل توقعات بنمو سوق العملات الرقمية خلال العقد القادم. كما تشير تقارير الى قيام ايران باستخراج عملة بتكوين بنحو 4.5% وهو ما يعادل حوالي مليار دولار سنويا مع الزام مستخريجها ببيعها للبنك المركزي الإيراني في ظل انخفاض أسعار الكهرباء في الدولة وهو ما يمثل مصدراً للأموال بعيدا عن العقوبات الامريكية المفروضة عليها.
في حين قامت الصين (اكبر معدن لعملة البتكوين في العالم) باتخاذ إجراءات تحد من تعدين وتداول العملة, ويأتي هذا ضمن جهود الحكومة الصينية للحد من المضاربة والمخاطر المالية في ظل تذبذب الأسعار, حيث صرح رئيس لجنة الاستقرار والتنمية المالية – نائب رئيس مجلس الدولة Liu He بضرورة وضع ضوابط على البتكوين الذي يعتبر أصلاً من أصول الشركات التي تستثمر في هذا النوع من العملات, وتأتي هذا التصريحات بعد ثلاثة أيام من قيام مؤسسات صينية تدعو البنوك وشركات المدفوعات المالية بتعليق خدمات العملات المشفرة/الرقمية وذلك في تصعيد للحد من عمليات المضاربة وعمليات الاحتيال باستخدام العملات الرقمية.
تجدر الإشارة بان سوق العملات الرقمية يستحوذ على ما يعادل ال 2 مليار دولار.
كما اسهمت تغريدة Elon Mask  المدير التنفيذي لشركة Tesla  بتحفظ الشركة عن استخدام البيتكوين كوسيلة تداول لقبول مبيعات الشركة عبر العملة معللا ذلك بحجم الوقود الاحفوري المستخدم لإنتاج الكهرباء اللازمة لتعدين العملة (يقدر استهلاك الكهرباء لتعدين العملة ب 3% من اجمالي الاستهلاك العالمي) وزيادة الانبعاث في البيئة, في ظل توقعات بقيام الشركة بيع ممتلكاتها من العملة التي تم شرائها في تاريخ سابق بما يقارب ب 1.5 مليار دولار وتعويضها بعملة الدوجكوين.

العملات الرقمية/المشفرة في السطور:
هي عبارة عن عملات افتراضية لا يوجد لها واقع ملموس كالعملات الورقية الصادرة من الدولة وعملية إصدارها غير مغطاة بسلة عملات معينة او الذهب كما هو حال بعض العملات الصادرة عن الدولة. كما تعتبر غير مركزية حيث يمكن تداولها خارج النظام المصرفي بكل سهولة.
عادة ما يتم انتاجها واستخدامها في عالم افتراضي عبر حواسيب وبرمجيات معينة من قبل افراد او مجموعات معينة, من خلال إعطاء كل عملة منتجة رقم تسلسلي معين يسجل في قواعد بيانات او ما يسمى ال Blockchain بحيث يمنع من تكرار استخدام العملة الواحدة في اكثر من عملية واحدة من خلال نسخها وتداولها الا بعد انتقالها لطرف آخر وذلك حتى لا تفقد قيمتها, ولكون هذه العملات غير مقننة رسميا من الحكومات فإنها تعتبر عملات بديلة وتستهلك خارج النظام المالي للدول. في الوقت الذي تستطيع الحكومات تجميد/إيقاف/الاستحواذ على حسابات وارصدة مصرفية او عملة معينة من التداول, الا ان العملات الرقمية/المشفرة يتم انتاجها وتداولها في منصات وأنظمة مستقلة خارج الأنظمة المالية الرسمية الامر الذي يجعل تتبعها وتطبيق الأنظمة القانونية عليها امر صعب الى حد ما, ويترافق مع ذلك مجموعة من المخاطر والعيوب والتي تتمثل في التقلبات المفاجأة وصعوبة التنبؤ بمسارتها.

النشأة:
يعود تاريخ ظهور فكرة العملات الرقمية الى العام 1980م عندما ابتكر Daivd Chuam  خوارزمية  سميت ب Blinding او العمياء التي تعتبر أساس التشفير الحديث للبيانات, أسهمت هذه التقنية على توفير خاصية الأمان وتداول المعلومات بين الأعضاء وإيجاد أساس مستقبلي لفكرة العملات الرقمية.
في العام 1995م (بعد مرور 15 عام)  قام Wei Dai  بنشر ورقة عمل حول العملات الافتراضية تحت مسمى B-Money والتي تضمنت المكونات الاساسية للعملات الرقمية/المشفرة مثل تعقيدات إخفاء الهوية واللامركزية.
وفي العام 1998م قدم Nick Szabo اطروحته المسمى ب ال Bit Gold والتي عرض خلالها فكرة العملات الرقمية كنظام عمل متكامل الا ان الفكرة لم تجد رواج.
وبالرغم من ان هذه الأطروحات لم تلقى صدى ملموس على الواقع, الا ان الحقبة من 1990-2000 شهدت زيادة في وسطاء التمويل الرقمي ابتداء من ابتكار تطبيق PayPal من مؤسس Tesla اليون ماسك Elon Mask التي أحدثت ثورة في التحول الرقمي ودخلت فعليا في سوق التداول خلال الفترة من العام 2000-2010م وأسهمت في زيادة الاقبال في عملية الشراء والبيع عبر المنصات الرقمية, والذي نجم عنه نشاة فكرة عملة البتكوين في العام 2008م التي قدمها ساتوشي ناكاموتو  Satoshi Nakamotoوالتي لاقت صدى اكبر في العام 2009م, وفي العام 2010م بدات استخدام العملة من قبل مجموعة من الافراد فيما بينهم, وتطور الامر في العام 2012 بقيام موقع WordPress  بقبول العملة كوسيلة شراء المنتجات المعروضة ثم تبتعها عده شركات مثل Newgg.com, Expedia, Microsoft  و Tesla واسهم هذا بنشؤ عده عملات رقمية اخرى والتي تقدر بـ 5307 عملة تقريبا وفقا لموقع  CoinmarketCap.com.
وتعتبر البتكوين BTC حوالي أكثر عملة رقمية قبولا وتداولا في عمليات الشراء والتحويل حيث تبلغ محفظة العملة  715 مليار دولار تليها ايثريوم ETH  ب 300 مليار دولار ثم تيثر USDT ب60 مليار دولار, في حين يبلغ حجم الاستثمار في العملات الرقمية حوالي 2 تريليون دولار لجميع العملات الرقمية ( كما في 25/05/2021).
# مدير التسويق-البنك الأهلي اليمني

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا