أخبار وتقارير

220 عاماً.. من التدخلات السعودية في الشؤون اليمنية (1)

عسير أول أرض يمنية احتلها الوهابيون
للذين لم يستوعبوا حتى الآن حقائق التاريخ وحقيقة جارة السوء ومطامعها باليمن فعدوانها على اليمن في 2015م ما هو الا امتداد لأول عدوان شنته على اليمن قبل 220 عاما .

والحقيقة أن عدوانها وتدخلاتها المستمرة في الشؤون اليمنية من خلال استغلالها للظروف السياسية الداخلية المضطربة وضعف سلطة الدولة المركزية بصنعاء .
العدوان الأول
مع مطلع القرن التاسع عشر الميلادي كانت اليمن تعاني اضطرابات داخلية وضعف سلطة الدولة المركزية بصنعاء وخروج مناطق جنوبية عن سيطرتها وصراع الأئمة حول السلطة وتزامنا مع ذلك كانت الدعوة الوهابية قد بدأت الانتشار خارج نطاق حدودها بنجد فاستغل السعوديون تلك الأوضاع المضطربة في اليمن فكانت عسير أول أراضي اليمن التي سيطر عليها الوهابيون سنة 1802 م ومن ثم تقدموا نحو المناطق الساحلية فاحتلوا ميناء اللحية ومع حلول سنة 1803م بسطوا سيطرتهم على الزيدية وبيت الفقيه بل توغلوا نحو مناطق الداخل الجبلية كمدينة حجة وتهديدهم للعاصمة صنعاء. وتمكنوا في عام 1806م من اسقاط مدينة الحديدة اهم موانئ صنعاء على البحر الأحمر وسقطت بعدها مدينة زبيد وحيس القريبة من ميناء المخا وقبل عامل ميناء المخا مصالحه الوهابيين مقابل مبلغ من المال. وهكذا وصل نفوذ الدولة السعودية الاولى في المناطق الساحلية اليمنية من أبي عريش شمالا حتى المخا جنوبا.
وفيما يخص ميناء عدن ففي عام 1804م وصلت بعض السفن الوهابية إلي عدن وجزيرة سقطرى. وبالنسبة لحضرموت فقد قاد الوهابيون ثلاث حملات عسكرية نحوها بذريعة نشر المذهب الوهابي فكانت حملتهم الأولى سنة 1807م فيما كان حملتهم الثانية لغزو حضرموت سنة 1809م وهدفت الوصول إلى الساحل فوصلوا إلى مدينة الشحر في حين عززوا بحملة بحرية سنة 1811م. لاحتلال حضرموت ومع تدخل والى مصر محمد علي باشا بالحجاز واليمن استطاع القضاء على الدولة السعودية الاولى في 1818م لينتهي شرهم على اليمن ولم ينته طمعهم فيها لتعود تلك المطامع قبل اعلان دولتهم الثالثة عام 1932م.

اغتيال ابن سعود
ومع انتهاء الحرب العالمية الاولى اطلقت بريطانيا لابن سعود الضوء الأخضر التوسع بالحجاز ومن ثم نحو اليمن حيث كانت مذبحة تنومه بحق الحجاج اليمنيين العزل بداية جرائم ابن سعود بحق اليمنيين ليزحف نحو عسير والمخلاف السليماني لينتزعهما من الادريسي. وبذلك تكون صنعاء في مواجهة مباشرة مع ابن سعود لتدخل في صراع نتج عنه حرب 1934م ومن ثم معاهدة الطائف بنفس العام ليحتل ابن سعود نجران وعسير وجيزان وجزر فرسان بموجب تلك المعاهدة .
وبعد توقيع المعاهدة عمل الطرفان مباشرة على إنهاء الترتيبات اللازمة لاجتماع الحدود وتم تخطيط الحدود في العام التالي 1935م وتم رسم أول خريطة للحدود اليمنية السعودية 1936م وقد تخلل تلك الفترة عدم وجود أي توتر بين الطرفين او بناء حصون وقلاع في المنطقة المحرمة خمس كيلو متر من الحدود على كلا الجانبين ولم توجد مخالفات من هذا النوع وقد ساعد على ذلك العلاقة الحسنة بين عبدالله بن الوزير الذي عقد المعاهدة نيابة عن الإمام والذي عين حاكما لتهامة واتخذ الحديدة مركزا له والذي كان المسؤول عن الحدود الشمالية وبين تركي بن ماضي حاكم جيزان في الجانب السعودي من الحدود .
وفي عام 1935م هاجم ثلاثة من اليمنيين الملك عبدالعزيز بن سعود بخناجرهم أثناء طوافه حول الكعبة إلا أن الامير سعود ولى العهد استطاع أن يقي والده هذه الضربات ويتلقاها هو مما أدى إلى إصابته بعده ضربات في ظهره وكتفه وقد استطاع الحرس قتل هؤلاء الثلاثة بالرصاص. وقدا اثبت التحقيق انهم لم يكونوا مدفوعين من طرف حكومة اليمن بل كانوا يطلبون الثأر لبعض أقاربهم الذين قتلوا أثناء الحرب اليمنية السعودية السابقة. وفي 1940م قام الامير محمد بن عبدالعزيز في حاشية كبيرة بزيارة صنعاء وكان يرافقه بشير السعداوى مستشار الملك عبدالعزيز وطاهر رضوان من كبار موظفي وزارة الخارجية للمملكة السعودية .

انقلاب 1948
وفيما يخص انقلاب 1948م وقفت السعودية مع الإمام احمد رغم انها كانت تميل قبل الانقلاب الى الامير عبدالله الوزير بناء على اسناده أماما بعد وفاة الامام يحيى الطبيعية واسترجاعا لمواقف ولي العهد احمد عندما دبر مؤامرة اغتيال الملك عبدالعزيز بالحرم بثلاثة من سنحان من بيت حاضر فجرحوا ولي عهده سعود وقتلوا أحد عبيده فاستشهدوا في الحال ونجا الملك ابن سعود .فالإمام احمد بعد انقلاب 1948م قد كان منهزما بعد اغتيال ابيه واخيه المحسن والحسين فارسل الشيخ بن هيج لتمهيد لجوئه إلى السعودية ولكن الملك عبدالعزيز طلب منه الصمود في الداخل ووعده بكل العون المادي والسياسي والمعنوي على ان يطلب العون من الملوك الاخرين فاتجه الإمام احمد إلى حجة .
لذلك وقف ابن سعود من الانقلاب موقفا عدائيا صريحا فعرقل بعثة الجامعة العربية ان تصل لصنعاء ولم يرد على برقية ابن الوزير الذي ارسلها له عقب الانقلاب وكان استقباله لوفد ابن الوزير استقبالا غير مرحب بهم بل انه قال لهم ( أنتم ايها الناس قتله ... وقد اتيتم إلى كضيوف عندي وأسمعتموني ما عندكم وانا لا استطيع إلا أن اقول لكم : اتركوا بلادي) اما وفد جامعة الدول العربية فلم يصل الى إلا جدة اذا استدعاه الملك عبد العزيز الى الرياض وابقاه هناك للمماطلة وقد افهم الملك الوفد بان الوضع قد التهب في اليمن بعدما بدأ ولى العهد يعمل للاستيلاء على الحكم وان مطار صنعاء قد حرقه البدو وبعض العناصر الفوضوية لذلك فضل الوفد ان ينتظر ليرى ما يستقر عليه الامر اخير وبذلك استطاع ابن سعود ان يلعب دورا خطير في تاريخ اليمن في تلك الفترة فقد نجح في تعطيل وفد جامعة الدول العربية عن مواصلة سيره الى صنعاء حتى لا يقوى بذلك ساعد الثورة .

هنا حجة
وقع انقلاب عام 1955م في اليمن بقيادة احمد الثلايا وبالتعاون مع الأمير عبدالله وتم تنازل الإمام احمد عن الإمامة كرها لأخيه عبدالله ولكنه استطاع إرسال برقية سرية لابنه الأمير البدر الذي اصبح وليا للعهد دعاه الى التوجه الى حجة لجمع القبائل الموالية له ومقاومة الانقلاب حيث كان البدر يعمل محافظا للحديدة وتوجه الى حجة حيث يوجد مخازن الأسلحة واموال الإمام احمد ومن حجة تحرك البدر على رأس قبيلتي حاشد وبكيل في اتجاه تعز .
فقد بادر الملك سعود 1955م بالوقوف بقوة وباستمرار مع الإمام احمد والبدر ومحذرا الأمير عبدالله من المساس بحياة الإمام أحمد وحتى لا يكون نجاح الانقلاب باليمن مثلا يحتذى به. حيث تشير الوثائق البريطانية رغم الدعم السياسي السعودي وعدم الاعتراف بحكومة الانقلاب فأنها رفضت طلب الإمام احمد بضرب الانقلابين بالطائرات كما طلب ولكنها اهدته بعد ذلك طائرتي تدريب امريكيتين مع طيارين ومهندسين سعوديين .وكانت السعودية مهتمة بالأحداث في تعز حتى اعتزم الملك سعود الوصول بنفسه اليها للعمل على حل الازمة ولكن تقرر ايفاد اخيه فهد مع الشافعي للتهنئة بعد ان انتصر الإمام وانتهت المشكلة بما سمى (وفد النوايا الحسنة) و(المساعي الحميدة) لحل الخلاف بين احمد وعبدالله.
وارسلت السعودية للبدر جهاز اذاعة باسم (هنا حجة) واعلنت حالة الطواري على الحدود مع اليمن وابرق سعود للبدر بأنه سيعينه بالمال والسلاح والرجال فشكره البدر وطلب منه ايقاف التدخل لحين الطلب.. وذكرت المفوضية العراقية في جدة بان عشرات السيارات الأسلحة ومعدات قد شحنت إلى اليمن. وبحسب المفوضية الانجليزية في اليمن بأن السعودية في قراراة قناعتها ترى ان عبدالله مناسب لسياستها لولا المعارضة القوية ضده لو حصل على دعم شعبي . ففي يوم الخميس 9 أبريل 1955م وصل عشرون شخصا على رأسهم الأمير فهد بن عبدالعزيز والامير محمد بن سعود و حسين الشافعي وزير الشؤون الاجتماعية بمصر إلى تعز وكان مقررا ايفادهم من الحكومتين الى اليمن للتوفيق بين وجهة نظر الامام واخيه عبدالله لكن الامام استطاع الانقلاب على الانقلاب عليه فجاءت البعثة مهنئة له. الجدير بالذكر ان السعودية لم تعلن تأييدها علنا للإمام احمد الا بعد فشل الانقلاب . ورغم زيارة الملك سعود لليمن عام 1954م وزيارة الأمام احمد للسعودية عام 1956م الا انه حتى ذلك الوقت لم يكن بين البلدين علاقات دبلوماسية حيث كان عام 1958م بداية العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ولأول مرة في تاريخهما .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا