أخبار وتقارير

على أعتاب سنوات سبع من المواجهة:العسكرية اليمنية.. استنزاف قدرات العدوان السعودي

على أعتاب سنوات سبع من المواجهة:العسكرية اليمنية.. استنزاف قدرات العدوان السعودي

  يمكن لنا اليوم أن نضع في الاعتبار أن المعطيات والمعلومات التي استندت عليها السعودية ودول  تحالف العدوان على اليمن في 26 مارس 2015م !

والاحتمالات  التي قد تحدث خلال الحرب والعدوان كان أساسها هي القراءة الأمريكية للواقع اليمني وخاصة للفترة من العام 1990م وحتى 2014م باعتبارها الفترة الذهبية للهيمنة الأمريكية على المنطقة العربية وبعد ما حققته أمريكا من احتلال العراق وتدمير القوة العربية الأولى في المنطقة العربية ولذلك بنت أمريكا دراستها ومعلوماتها عن اليمن وقواته وقدراته العسكرية على أساس مصادرها المخابراتية والوثائق التي تحصلت عليها من عملائها ومصادرها في الداخل اليمني.
ولعل الفترة بعد حرب صيف 1994م بين الحكومة اليمنية في صنعاء والحزب الاشتراكي اليمني في عدن، وكانت أكثر المصادر التي اعتبرتها أمريكا رئيسية في تحديد البنية العسكرية لليمن بعد دمج الجيشين في جنوب الوطن وشماله وسيطرت نظام صنعاء على الوضع في البلاد سهل ذلك للأمريكان قراءة الميزان العسكري لليمن قراءة واقعية وحقيقية من الميدان ومسرح العمليات في كامل الجغرافية اليمنية ورأت أمريكا أنها حققت الانجاز الاصعب في تاريخ مخابراتها في الجزيرة العربية من خلال سيطرت الرأسمالية في صنعاء على مقاليد الحكم وأعفي الحزب الاشتراكي من مهامه السياسية والعسكرية في البلاد، وبذلك كانت أمريكا ترى أنها انتصرت على آخر معقل للنظرية الاشتراكية في الجزيرة، وصارت أحلام الشيوعيين مجرد ذكرى.
إن حرب صيف 1994م كانت عاملاً مهماً في احتمالات التغيير ودمج اسلحة وعتاد الجيشين وكل موجودات الجنوب اليمني والحزب الاشتراكي في ميزان عسكري واحد ، أدت هذه الموجودات مع ما كان في الشمال إلى إضافة القوة العسكرية، فكانت هذه الاسباب بالنسبة لأمريكا وحلفائها في المنطقة وعلى راسهم النظام السعودي والإماراتي عوامل واسباب مؤكدة لتغيير الميزان العسكري اليمين وأن اليمن صار من أكثر دول المنطقة القادرة في الاشتراك في أي صراع عربي- عربي أو عربي- اسرائيلي خاصة بعد أن انصًّف الميزان العسكري اليمن بالديناميكية العالية، وأن هذا الميزان يكاد يتغير بين فترة وفترة خاصة وأن الاسلحة التي تم شراؤها من الكتلة الشرقية عادة ما كان يصعب على الأمريكان معرفتها وإذا عرفت فغالباً ما ينقصها الدقة، واعتبرت أمريكا أن ذلك تحدياً لها وخطت خطوات ملموسة أن تكون تصنيعات اسلحة اليمن من انتاجها وليس من الضرورة إعلانها.
وعادة ما تكون تلك الاسلحة المقدمة من أمريكا وبواسطة حليفتها السعودية والإمارات إما بالبيع أو الدين أو الإهداء إما أن تكون تلك الأسلحة قد تقادمت أو أصبحت ليست في حاجة إليها وتنتجها بمعرفتها.

الرؤية الأمريكية للميزان العسكري اليمني
لنترك عامل الزمن وأبعاده والتي لابد وأن يكون له بصمات على الميزان العسكري اليمني، فكما هو متعارف عليه فإن الميزان العسكري لا يشتمل على كثير من العوامل المساعدة والتي تؤثر على القدرة العسكرية والتي دائماً ما تؤثر بشكل مباشر على القتال ولكن تأثيرها بالشكل غير المباشر يمكن أن تكون هناك نتائج هامة وحاسمة، وهذا صعَّب على أمريكا معرفة ما لدى اليمن منها، بالإضافة إلى صُعوبة الوصول إلى استنتاجات عن القدرة العسكرية اليمنية والتي اعتمدت في ذلك على دراسة الميزان العسكري لليمن بعد حرب صيف 1994م.
وبالتالي اختلاف درجة فاعلية الأسلحة التي امتلكتها اليمن في القتال من حيث قدرتها على تلبية مطالب تنفيذ المهام العسكرية القتالية أو قدرتها على مواجهة مخاطر المعركة القادمة.
السياسة الأمريكية للقدرة العسكرية اليمنية:-
لقد حاولت أمريكا تحويل القدرة العسكرية اليمنية إلى تقدير كمًّي لهذه القدرة، فكان تقديرهم أن كل نوع من الأسلحة والمعدات إلى عدد معين من تشكيلات ووحدات القدرة العسكرية لليمن ومعتمدين في ذلك على الخواص الفنية التكتيكية ووحدات القوة العسكرية لليمن معتمدين في ذلك على الخواص الفنية التكتيكية لكل منها، ولكن واجهتهم عوامل خارجة عن نطاق الاعداد والأرقام وهي الروح المعنوية والعقيدة الدينية ومستوى التدريب.. وسارت التقديرات الأمريكية للميزان العسكري اليمني على هذا الموال منذُ العام 1994م وحتى ثورة الربيع العربي في العام 2011م، فظهرت متغيرات على الساحة اليمنية، جعلت من التقديرات الأمريكية للموقف السياسي والعسكري والاقتصادي في اليمن غير واضح وحتى تقديراتهم للميزان العسكري اليمني منذُ 1994م وحتى 2011م تغيرت دون القدرة على دراسة الأوضاع العسكرية في البلاد وكان التقدير الأمريكي للميزان العسكري اليمني يعتمد على فرضيات وأرقام وعوامل ونتائج تحليلية ولكن الأمريكان ظهروا في هذه التقديرات والمعلومات كأغبياء ووصلت أمريكا وأدواتها في المنطقة أن الجغرافية اليمنية وحدودها المشتركة وسواحلها البحرية تمثل الخطر الحقيقي للمصالح الأمريكية في المنطقة بأكملها وأن استمرار حصار الشعب اليمني وقتله ومنع السفن الحاملة للمشتقات النفطية من الدخول إلى المدينة ستكون أبعادها على المنطقة بأكملها ولذلك فإن أمريكا ظهرت بسياستها واستراتيجيتها العسكرية في المنطقة بمظهر المجرم والقاتل والفاشل في سياسته، وأنها أصبحت ألعوبة بيد النفط والثروة وأنها تخسر كل يوم سمعتها وموقعها العالمي ومكانتها في المنطقة وفي العالم، خاصة بد أن أصبحت إيران قوة إسلامية عظيمة لن تستطيع أمريكا أن تتجاهلها أو تغض الطرف عنها، وكذلك اليمن فقد أصبحت هي اليوم قوة لا يستهان بها وقادرة على ردع أعدائها والرد على السعودية ودول تحالف العدوان بضربات استراتيجية في العمق السعودي، وأن أمكانيات العدو السعودي فشلت أمام التفوق اليمني للقوة العسكرية والمستوى المؤثر لاسلحتها على الاقتصاد السعودي والثروة النفطية في كامل الجغرافية السعودية وأن ارامكو السعودية هي اليوم تحت المجهر اليمني ولا مفر لها من تلقي الضربات الصاروخية المتنوعة والطائرات المسيرة الحديثة والتي كان لها الرصيد الأكبر في تكبيد العدو السعودي الخسائر الكبيرة والتي ستكون باستمرارها الكارثة الحقيقية على النظام السعودي وأن الخطر الحقيقي والتهديد الأكبر لهذا النظام وثرواته واقتصاده وجغرافيته هو استمرار حصارهم وعدوانهم على اليمن فعَّداد السقوط يتهاوى وحساب الوقت يتلاشى وصمام بقائهم يتحطم.

السيناريو القادم للسعودية
إننا نعلم أن الحدود السعودية قد رسمت بطريقة أمريكية بريطانية من أجل تسبب النزاعات المستمرة والصراعات التي لا تنقطع حتى وإن اعتقدت السعودية أنها استقرت فإن ذلك لن يمنعها من قيام حروب وصراعات مسلحة على حدودها كما لا يمكن تجاهل القوة الإيرانية كميزان عسكري واقعي وإذا أضفنا ذلك إلى الاخطار المختلفة التي تهدد السعودية ونظامها وحدودها إضافة إلى الأخطار  الساحلية التي تهدد سواحلها والذي قد يمتد إلى داخل الخليج للإمارات والبحرين وقطر فإننا لو جمعنا قوى هذه الدول المذكورة في الخليج على قوة الكيان الصهيوني فإننا سنجد أن الميزان العسكري اليمني قد أختلف تماماً وتفوق عليها.. فضلاً عن القوة الأكبر لدولة إيران والتي لا شك أن زيادة قوتها ستتطلب زيادة حجم قواتها المسلحة وقدرتها بزيادة الأخطار حولها من السعودية والبحرين والإمارات كونها أصبحت حليفة لإسرائيل رسمياً فإيران تأخذ احتياطاتها لمواجهة أي خطر قد يحدث من أتجاه السعودية أو حلفائها في المنطقة.

السياسة العسكرية في إتجاه السعودية
إن التهديد للسعودية جراء عدوانها وحصارها  على اليمن لم يعد يقتصر على التهديد بالقوة الصاروخية والقوة الجوية بل تعداه إلى التهديد  البري والبحري مما يتطلب تحقيق التوازن الدفاعي لليمن عن مساحتها الجغرافية وقد نفذت ذلك وهكذا أيضاً نجد أنه من حيث أن الكثافة العامة للقوات المسلحة اليمنية استطاعت أن تلبي ظروف المعركة وحاجة الدفاع إلى ذلك نجد كذلك أن الجغرافية السعودية الواسعة بحاجة إلى كثافة كبيرة لقواتها المسلحة لتأمين مساحتها الجغرافية الواسعة وبالمقارنة نجد أن كثافة القوات المسلحة اليمنية تمثل حوالى 30%  في أغلب معايير الميزان العسكري لليمن ونجد ان الكثافة للقوات المسلحة السعودية تمثل حوالي 10% من أغلب معايير الميزان العسكري السعودي.

سياسة القيادة اليمنية
إن الاستراتيجية العسكرية اليمنية تخضع للسياسة ولذلك نجد أن القوات المسلحة اليمنية للجيش واللجان الشعبية تخضع لقيادة سياسية واحدة وأن قائد الثورة يستطيع بعد أن يدرس ويتشاور مع كل أجهزة الدولة والقيادات العسكرية ومراكز صنع القرار في المجلس السياسي الأعلى لليمن أن يتخذ قراراً باستخدام القوات المسلحة اليمنية من الجيش واللجان الشعبية وكل قدراتها للقيام بأي عمل عسكري في عمق العدو السعودي أو الإماراتي أو دول تحالف العدوان.
من حيث أن استخدام القوات المسلحة السعودية أو الإماراتية أو دول تحالف العدوان على اليمن يستلزم عادة قمة أمريكية إسرائيلية ولابد أن يصلوا إلى قرار باستخدام القوة المسلحة ويكفي أن لا توافق أمريكا بأي عمل عسكري تجاه اليمن وليس للسعودية أي رأي في ذلك، بالإضافة إلى عدم قدرة أجهزة صنع القرار السعودي والتي لا تكفي ألا يوافق أحدها تصعيد الحرب أو وقفها  أو الاعتراض على القرار الأمريكي والإسرائيلي.

القيادة الاستراتيجية للسعودية
القوات المسلحة السعودية والإماراتية ليست لها قيادة استراتيجية موحدة وبالتالي فإنها لا تتبع سياسة واستراتيجية عسكرية موحدة ويكفي أن نعيد حسابات اسس بناء القوات المسلحة في السعودية والإمارات من حيث الموارد البشرية ومصادر التسليح ومصادر العلم العسكري والروابط العسكرية مع الدول الأخرى لنعرف مدى الاختلاف فيما بينهما ويصعب التفاهم بين قياداتهم العسكرية على مستوى العمليات والتكتيك بصفة خاصة، والاستراتيجية بصفة عامة وبدرجة أقل وهذا بالطبع يقلل من كفاءة السيطرة على قواتها وبالتالي كفاءة أعمال قتالها.

السعودية ودائرة الصراع
استنزفت الحرب السعودية على اليمن الكثير من قدرتها الاقتصادية والعسكرية وهذه الحرب أخرجت السعودية من دائرة الصراع مع إسرائيل لأنها أصبحت حليفة قوية لإسرائيل وتعتبر حامية لها من المخاطر والتهديدات المحدقة بالسعودية وبالتالي فإن السعودية اليوم من الصعب جداً احتسابها في الميزان العسكري العربي أو الإسلامي.
وأننا بعد كل ما سبق نجد أن العلاقة العسكرية بين السعودية وإسرائيل كقوة عسكرية لا محل له في تحالف القوة العسكرية لمحاور المقاومة كقوة حالية وفي المستقبل القريب القوة الأكبر والأعظم وأنه من الأفضل للسعودية والإمارات أن تبحث عن ميزان عسكري غير إسرائيل وأمريكا يكون أكثر واقعية وأقرب للتحقيق.

*مساعد مدير دائرة التوجيه المعنوي
وباحث في الشؤون العسكرية

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا