كتابات | آراء

قاهرُ (الجيش الذي لا يُقهَرُ)

قاهرُ (الجيش الذي لا يُقهَرُ)

لم يكن فجر الثّالث من حزيران الجاري كفجر نكسة عام 1967م بل كان فجراً مختلفاً حطّم ليلاً طويلاً من الانتظار ليبزغ مكلّلاً بالمجد لتشرق شمس العزّ مجدّداً من مصر الإباء، حينها باح الفجرُ بكلمة السّرّ ورفع آذانَ الجهاد،

أسرج المقاومُ خيل المنيّة وتلا من الآيات ما تيسّر (بسم الله الرّحمن الرّحيم إِنِّي أَنَاْ رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى* وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُووحَى*) فاخلع هوانك وذُلِّكَ واهجر غفوتك وارتدِ ثوبَ الإباء، لقّم سلاحك وطهّرِ الأرض من الأرجاس الغاصبين وصلِّ صلاةَ عشقك الأخيرة في فلسطين، عند الرّابعة والنّصف فجراً مضى المقاوم المصري الذي لم يكشف عن اسمه حتى الآن نحو المربّع الأمنيّ (ج) في سيناء وهو المربّع الأهمّ بالنّسبة إلى الاسرائيليّين بمساحته التي تبلغ 200كم الممتدّة من طابا جنوباً إلى رفح شمالاً أسقط كلّ الإجراءات مجتازاً بسلاحه الحدود المصريّة الفلسطينيّة عبر أحد ممرّات الطّوارئ المخصّص لمرور جيش العدوّ إلى الجانب المصريّ من الحدود، وصل المقاوم المصريّ إلى منطقة اللواء الإقليميّ فاران والفرقة 80 وعلى بعد أمتار قليلة صوّب ورمى فقتل الرّقيب الأوّل أوري يتسحاق إيلوز والجندي أوهاد دهان 20 عاماً والمجنّدة ليا بن نون 20 عاماً من مشاة كتيبة الفهد وإصابة ضابطٍ وجنديٍّ آخرَ وفقاً لما تناقلته وسائل إعلام العدوّ.
وفي التّفاصيل، إنّ المقاوم المصريّ تسلّل إلى معبر (نيتسانا) قبل ساعاتٍ من تنفيذ العمليّة وهذا ينفي الرّواية المصريّة عن دخوله بالخطأ خلال عمليّة مطاردته للمهرّبين وهو ما أكّدته وسائل إعلام العدوّ ووفقاً لبيان جيش العدوّ الإسرائيلي قُتِل جنديٌّ في تبادلٍ لإطلاق النّار مع مهاجمٍ بعد ساعاتٍ من مقتل جنديّين كانا يقومان بالحراسة على الحدود، حيث أطلق منفّذ العمليّة النّار على أفراد حراسةٍ فقتل مجنّداً ومجنّدةً، ووفقاً لما أعلنه المتحدّث باسم جيش العدوّ الإسرائيليّ إنّ "طائرة مسيّرة" رصدت شخصاً مشبوهاً اجتاز الحدود بمسافة كيلومتر متسلّلاً من معبر طوارئ في الحدود وتابع إنّه عند السّاعة التّاسعة صباحاً عُثِر على الجنديّ والمجنّدة على بعد أمتارٍ من بعضهما البعض وبعد فقد الاتصال بهما وصلت دوريّةٌ عسكريّةٌ إلى الموقع فقام المنفّذ بفتح النّار عليها مما أدّى إلى إصابة جنودٍ آخرينَ توفي أحدهم متأثّراً بجراحه وتمّ قتل المنفّذ بعد وقوع اشتباكين معه أسفر الأوّل عن مقتل جنديٍّ ثالثٍ بينما أُصيب آخر بجروحٍ طفيفةٍ في الاشتباك الآخر.. وأضاف البيان، إنّ المهاجم شخصٌ واحدٌ في حين تحدّثت مصادرُ إعلاميّةٌ إنّ المنفّذين كانوا مجموعة مسلّحين تسلّلوا وأطلقوا النّار على مراحلَ مختلفةٍ عند الحدود مع مصر.
عمليّة معبر العوجة التي هزّت أركان تل أبيب وقياداتها السّياسيّة والعسكريّة أكّدت مجدّداً سقوط المنظومة العسكريّة والأمنيّة (للجيش الذي لا يهزم) وباعتراف كبار القادة والمحلّلين العسكريّين الصّهاينة وأعادت تذكير المطبّعين بأنّ اتفاقيات السّلام لن تحميَ المحتلّ والغاصب ولن تعطيه شرعيّةً لوجوده مهما طال الزّمن فالعمليّة التي نفّذها المقاوم الجندي المصريّ كانت أشبه بجبهة حربٍ كشفت ضعف ووهن جيش العدوّ الذي تتهشّم صورته يوماً بعد يوم وما نقلته القناة 12 العبريّة عن اشتباكاتٍ مسلحةٍ مستمرّة بين عددٍ من المسلّحين وقوّات الجيش قرب الحدود المصريّة.. المحلّل العسكري لصحيفة معاريف تال ليف رام قال إنّ تبادل إطلاق النّار الذي يجري الآن، يقع على مقربةٍ من منطقة الحدث الأوّل صباح اليوم، ويبدو أنّ هذا استمرار للهجوم نفسه لا يتضح بعد عدد المسلّحين الضّالعين في الاشتباك مضيفاً أنّ المجنّد المصريّ الذي وجد بحوزته نسخة من القرآن الكريم خطّط للهجوم بدقّة، وربما تلقّى مساعدةً في مستوى التّخطيط، مشى مسافة 5 كيلومترات من موقعه في الأراضي المصريّة إلى النّقطة التي دخل منها، في ظروف تضاريس صعبة للغاية، وكان على ظهره حقيبة بها معدّات و6 مخازن رصاص وسكاكين كوماندوز ويبدو أنّه خطط لمسار التّسلّل وعرف موقع الجنود الذي يبعد حوالي 150 متراً عن ممر الطّوارئ في السّياج وفي نفس السّياق كشف المحلّل العسكريّ يوآف زيتون في السّاعات الأولى للعمليّة أنّه لا تزال قوّات (الجيش الإسرائيلي) تجري تبادلًا كثيفًا لإطلاق النّار مع مسلحٍ واحدٍ على الأقلّ تمّ تحديده، وتشارك في الهجوم مروحيّاتٌ قتاليّةٌ أمّا صحيفة يديعوت أحرونوت فقد ذكرت إنّ طائرات سلاح الجوّ شاركت في عمليّات مسح واسعة النطاق تجريها (قوّات الجيش الإسرائيلي) على الحدود المصريّة، إثر الحادث الأمنيّ الذي أصيب فيه شخصان بجروحٍ، وأغلق الجيش الإسرائيليّ كامل المنطقة التي وقع فيها الحادث، كلّ ذلك يؤكّد أنّ جيش العدوّ كان يخوض حرباً حقيقيّةً في مواجهة مقاومٍ واحدٍ استدعت مواجهته إرسال قوّات من وحدة اليمام وطائرات مسيّرة من طراز راكب السّماء وقوّات أخرى لتمشيط المنطقة الحدوديّة مع مصر لاستبعاد وجود مسلّحين آخرين وفقاً لإذاعة جيش العدوّ وعلّق أمير بوخبوط على هجوم الحدود المصريّة انهار مفهوم الجيش الإسرائيلي للدفاع في اللّحظة التي أعقبت استثمار مليارات الشواقل على الحدود المصريّة، هناك العديد من الأسئلة العميقة، وهي لا تتعلّق فقط بالملاحظات التكنولوجيّة للحدود الإسرائيلية الأردنيّة، تحديداً البقاع، هي أيضاً مدعاة للقلق وللتّذكير تسلّل من الحدود اللبنانيّة منفّذ هجوم مفترق مجيدو لوضع عبوةٍ ناسفةٍ في شمال البلاد.
في كيان العدوّ ثمّة إجماع على رأي يقول إنّ عمليّة معبر (نيتسانا) شكّلت فشلاً عملياتيّاً في الجيش الإسرائيليّ، لم تكن قوّات رضوان التابعة لحزب الله هي من عبرت السّياج، إنّما جنديٌّ مصريٌّ واحدٌ بسلاح كلاشنكوف أحرج (الجيش الإسرائيليّ) بأكمله.
# كاتب وإعلامي لبناني

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا