كتابات | آراء

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (51)

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (51)

تم استبدال النظام الاشتراكي في أوروبا بالنظام الصناعي الإقطاعي ونظام رأس المال  وكان يعتقد أن النسختين الشيوعية والرأسمالية كانتا السبب الرئيسي في تحديد اقتصاد اليمن وما يملكه الآن

وكان اليمن مثل العديد من دول العالم الثالث يمتلك نظامًا إداريًا إقطاعيًا حيث تعتمد السلطة على ملكية الدولة نفسها وكل ما يحتاجه المحلل الاقتصادي لاقتصاد اليمن أن يضيفه هو أن قيمة الدولة تنبع من مكانتها في نظام أوسع، في اليمن السفلي كانت الاستجابة متوقعة للمشاكل الاقتصادية فكل اللوم كان يلقى على الزيدية كونهم السبب الرئيسي لمشاكلهم إلى حد نسيان أن أغلب جنود وجباة الضرائب وموظفي الإمام كانوا من الشافعية  ولكن حتى بعد رحيل الأئمة الزيديين استمر الوضع في اليمن السفلي وكان لا يزال جمع الضرائب يتم بالقوة والخداع أحياناً ويمكن أن تكون هناك حالات كثيرة  وجدت في الثمانينيات، تعرض الشافعيين للسرقة والضرب والخداع وحتى قتلهم في بعض الأحيان ولم يجدوا أي تعويض من حكومتهم فالمواطن يعرف حدود تطلعاته وسقف آماله العملية في الدستور غير المكتوب  فهو مقيد مقدما بطائفته ومنطقته، الجيش والأمن القومي مفتوحان أمام أحدهما ومغلقان في وجه الآخر وحدود السلطة لا تنبع من وظيفته أو أهميته بل من الانتماء إلى طائفة أو قبيلة أو منطقة.
منذ عهد الحمدي ارتفعت نسبة الزيدية في المناصب الحكومية الرئيسية في هذه الفترة الزمنية من تاريح اليمن كان الجيش بارزا للغاية وكان الضباط المهمون بشكل رئيسي من جميع أنحاء صنعاء بعد ربع قرن من الثورة كان الناس يتساءلون عما إذا كانت هذه هي الإمامة من دون الإمام فجميع المناصب الحكومية والعسكرية كانت محصورة في المقربين من الرئيس وحاشيته وتم التحيز بالمثل في مجال التجارة التي يسيطر عليها الشافعيون، أفسحت التجارة المجال للأذونات والتراخيص وكلها كانت تعمل بالوكالة فقد تكون لدى المرء وكالة لبيع علامة تجارية من الشوكولاته  فتم شراء هذه الوكالات  وبيعها بمبالغ أعلى مما يمكن لمعظم التجار الحصول عليها وكل ما رأوه هو المزيد من التعقيد والمتطلبات الإدارية والموافقات وأن البيروقراطيين الذين أداروها كانوا في الغالب من اليمن السفلي حيث تجاوز التعليم أجزاء أخرى من البلاد عندما كان البريطانيون لا يزالون في عدن  كما تم تشديد القيود على المستوردين المستقلين الذين كانوا يستخدمون الشاحنات البرية لصالح التجار الكبار على نطاق واسع الذين يشحنون عبر ميناء الحديدة، كانت التحويلات لا تزال ذات أهمية أساسية في عام 1987 م بلغت قيمتها ما يقرب من 430  مليون دولار لكن الأموال كانت في أيدي القطاع الخاص وكان الاقتصاد المحلي يمر بظروف معقدة أتاحت العلاقات السياسية على أي نطاق  الوصول إلى الاقتصاد النقدي أو الفرص الاستثمارية التي لم تكن متاحة لأغلبية الشعب ما لم تكن لهم صلات سياسية أو معارف لم تكن معظم الأراضي الزراعية مصدرًا كبيرًا للدخل، التغييرات التي حصلت بين عامي 1970-1960م لم تأتي بثمارها بل بالعكس أصابت الزراعة في مقتل أغلب الأراضي الصالحة للزراعة كانت في أيدي كبار الشخصيات أو شيوخ القبائل أما الأراضي الصغيرة والتي كانت تكلفة الزراعة والري فيها عالية جدا فقد تحولت إلى مزارع للقات وقليل منها مزارع للبن ولم تكن الدرجة التي يمكن عندها فصل علم الاقتصاد بالمعنى الذي تناوله المخططون عن الاقتصاد السياسي  كبيرة وأدى الحظر المفروض على واردات الفاكهة والخضروات إلى تحفيز الري بالمضخات في تهامة وهي منطقة غير ممثلة إلى حد كبير في الحكومة اليمنية،  كان معدل الإنفاق للأسر الميسورة إلى حد ما في الفترة 1985 -1987م تقريبا 4000  ريال ناهيك عن تكاليف تزويد مضخات الري بالوقود أكثر من  40000 ألف ريال يمني في السنة  وتسويق المنتج   كانت الزراعة من هذا النوع المكلف  ماديا في حين شجعت المشاريع الكبيرة التي ترعاها الحكومة على بناء مجموعة من السدود في وادي مور على سبيل المثال ويعتبر وادي مور أحد أكبر وديان تهامة اليمن من حيث المساحة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا