كتابات | آراء

الطاقة النووية.. قوة لإنقاذ العالم

الطاقة النووية.. قوة لإنقاذ العالم

فيما يكثر النقاش حول الطاقة النووية باعتبارها إحدى المصادر المهمة القادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة في مجال الطاقة،

إلى جانب المخاوف التي يثيرها بعضهم من آثارها السلبية على السلامة الصحية للبشر يأتي الكتاب الذي نعرضه اليوم للصحفية الأمريكية «جينيث كرايفينز» بعنوان القوة لإنقاذ العالم: حقيقة الطاقة النووية، ليفند جميع الأساطير المحيطة بالذرة مبرزا قدرتها على إنقاذ العالم فبتنامي المخاوف الدولية حول ظاهرة الاحتباس الحراري التي باتت تؤرق المسؤولين والمهتمين بالبيئة أصبح من الضروري التفكير في بدائل أخرى لتوليد الطاقة والابتعاد عن الوقود الأحفوري الذي يلوث البيئة، ويتسبب في انبعاث ثاني أكسيد الكاربون وإذا كان الخوف متنامياً حول مستقبل الكرة الأرضية بسبب التغيرات المناخية وارتباطها بالاحتباس الحراري كما بدأ يتجلى واضحاً من خلال ذوبان الجليد في القطب المتجمد الشمالي فإن هذا التحدي الخطير لا يعادله سوى اندلاع حرب نووية لا تبقي ولا تذر.
وبين هذين التحديين احتار العلماء والمسؤولون بشأن الطاقة النووية بين مؤيد ومعارض ومحذر من خطورتها أما مؤلفة الكتاب الذي نعرضه هنا فقد حسمت أمرها معلنة انحيازها الواضح إلى صف المدافعين عن الطاقة النووية باعتبارها خيار المستقبل القادر على توليد الطاقة بأقل تكلفة بيئية ممكنة لكن قبل تبني «جينيث كرايفينز» لهذا الطرح ودفاعها عن الذرة بوصفها مستقبل العالم وفرصته الوحيدة للتخلص من الوقود الأحفوري الملوث للبيئة انتظمت في العديد من الجماعات المناهضة لبناء المفاعلات النووية في أمريكا وكثيرا ما عبرت عن رأيها من خلال مقالاتها الصحفية ولم يأت التحول في نظرتها للذرة والتي تعترف المؤلفة ذاتها في كتابها أنها كانت مبنية على الجهل بتفاصيلها وطريقة عملها إلا بعد التقائها بالعالم الأمريكي «ريب ريتشاردسون» لتبديد مخاوفها وإقناعها بقيمة الذرة في إنتاج كميات هائلة من الطاقة ورويداً رويداً تحولت أسئلتها للعالم إلى عناوين تتصدر فصول كتابها مثل:ألا ينطوي الإشعاع على خطورة كبيرة؟ ألا يمكن للإرهابيين أن يستغلوا هذه الطاقة لأغراضهم الخاصة ؟كيف يمكن التخلص من النفايات الذرية؟.. لتكتشف في النهاية أن مخاوفها السابقة لا أساس لها من الصحة.
وهكذا انبرت المؤلفة لدحض أهم الحجج التي يسوقها مناهضو الطاقة النووية موضحة على سبيل المثال أن نسبة الإشعاع التي يتعرض لها الفرد في أحد أنفاق المترو تفوق ما يتعرض له عامل في أحد مناجم استخراج اليورانيوم وأن معدل الإشعاع المنبعث من الأرض في تشيرنوبل وهيروشيما هو أقل مقارنة مع المعدل في دينفر الأمريكية، كما لا يوجد بالقرب من المحطات النووية أي ارتفاع في حالات الإصابة بالسرطان كما يروج لذلك بعضهم ولإبراز مزايا الطاقة النووية وإظهار منافعها لمستقبل الأرض تقارن كرايفينز بينها وبين الطاقة المستخرجة من محطات الفحم الحجري المنتشرة بكثرة في الولايات المتحدة فرغم احتمالات التسرب الإشعاعي التي تظل بعيدة على كل حال تبقى الطاقة النووية نظيفة ولا تتسبب في انبعاث الغازات الملوثة والمسؤولة عن الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية وتشير المؤلفة إلى خريطة توليد الكهرباء في أمريكا حيث تلبي الولايات المتحدة 75 % من احتياجاتها من الكهرباء باعتمادها على المحطات التقليدية التي تعمل بالوقود الأحفوري المسببة للتلوث مضيفة أن النفايات السامة الناتجة عن احتراق الفحم تقتل سنوياً  24ألف أمريكي ورغم زيادة الاستثمار في بدائل الطاقة المتجددة لا تشكل هذه الأخيرة سوى 5% من إجمالي إنتاج الكهرباء بينما تشكل الطاقة النووية20 % منها علماً بأنها لا تطلق الغازات السامة والأكثر من ذلك تقول المؤلفة أنه على امتداد الخمسون عام الماضية لم تتسبب المحطات النووية في مقتل أي شخص وتواصل المؤلفة دفاعها عن الطاقة النووية عبر سرد مجموعة من الحقائق المرتبطة بتا مثل عدم حرق المحطات النووية لوقود ملوث، كما أن اليورانيوم يحتوي على طاقة مكثفه لا تنتج سوى كميات قليلة من النفايات وفي هذا السياق يمكن لشخص قضى حياته في الاعتماد على الطاقة النووية لتلبية احتياجاته من الكهرباء أن ينتج ما يعادل علبة صغيرة من النفايات خلافاً للفحم الحجري الذي ينتج خلال حياة فرد كاملة 146  طنا من النفايات السامة وفيما يتعلق باحتمال التعرض للإشعاعات النووية، تؤكد المؤلفة أن شخصا يعيش على بعد خمسين ميلاً من محطة نووية يتلقى من الإشعاعات أقل ما يتلقاه إنسان يأكل حبة موز بيد أن المؤلفة التي تستميت في الدفاع عن الطاقة النووية باعتبارها وسيلة نظيفة وغير ضارة لإنتاج الكهرباء لم ترسم الصورة كاملة لاسيما فيما يتعلق بتكلفة إنشاء المحطات النووية بحيث تصل كلفة المحطة الواحدة إلى ثلاثة مليارات دولار وحتى عندما أصدرت الهيئة الدولية للتغيرات المناخية تقريرها الأخير لم تشر إلى الطاقة النووية كمنقذ للعالم كما ذهبت المؤلفة بل كبديل ضمن بدائل أخرى للتخفيف من حدة الاحتباس الحراري.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا