كتابات | آراء

حديث الإثنين: مزايدة المثقفين وخطرها على الأوطان

حديث الإثنين: مزايدة المثقفين وخطرها على الأوطان

مضمون هذا المقال كنت قد نشرته سابقا تحت عنوان: القبيلة تقتحم السياسة وطوعت السياسيين لكن لأن المستهدف منه هم من يعتبرون أنفسهم مثقفين وتقدميين وقوميين واشتراكيين

وخاصة أولئك الذين تزدحم بهم غرف فنادق عواصم تحالف العدوان ضد اليمن فقد ارتأيت أن أعيد نشره مع بعض الاضافات لنذكر هؤلاء بمزايداتهم وما تحمله من أخطار على الأوطان وبمن هو الوطني الحقيقي الذي يدافع عن سيادة وطنه وحريته واستقلاله وكيف إن القبيلة التي ظلمناها حينما وصفناها بالتخلف أثبتت وقت الشدة أنها تشكل عمود الوطن الفقري وصخرته القوية التي تتحطم عليها كل المؤامرات وأنها ستظل الأساس لكل انطلاقة الى الأمام وقد أثبت أبناء القبائل بعد قيام ثورة 21 سبتمبر الشعبية عام 2014 م بأنهم أحرص على الوطن والدفاع عن سيادته وحريته واستقلاله اكثر من حرص أولئك الذين يدعون أنهم مثقفين ومتعلمين واحترفوا السياسة بدليل إن أصحاب الشعارات التقدمية قد اصطفوا مع تحالف العدوان ضد بلدهم بينما رجال القبائل كانوا في طليعة الجيش واللجان الشعبية الذين وقفوا ضد تحالف العدوان ومواجهته وتحقيق الانتصار عليه ، ولأهمية ما تتمتع به القبيلة من جاه ونفوذ ومزايا عظيمة فإلى وقت غير بعيد كان الساسة والمنظرون في اليمن لا يترددون عن تكرار وترديد أنهم قادرون على أن يقتحموا عالم القبيلة ، و أن بإمكان أدواتهم السياسية أن يحدثوا تغييراً في بنيتها اجتماعياً وسياسياً وثقافياً ، لكن تلك الأطر السياسية خلال تجربتها الطويلة في العقود الماضية منذ أن كان يطلق عليهم الحركيون أو الحراكيون وإلى اليوم كلما قاموا به هو مغامرة ومجازفة ذهبوا خلالها بأرجلهم وقناعاتهم وبالنوايا الطيبة أحياناً وبالنوايا السيئة أحياناً أخرى إلى توظيف القبيلة والأنماط القبلية المسيسة في تعاملهم مع قضايا الوطن وفي منشطهم وحتى في خلافاتهم السياسية حتى أصبح لا فرق بين من يمتشق السلاح وبين من يمتشق قلم ودفتر السياسة وتحولت (الأطر السياسية) من أطر حداثية تطويرية مواكبة لمتغيرات العصر والحياة إلى أطر(حز قبلية) تلهث خلف إرضاء القبائل واستمالتها وكسب رضاها وودها.
وصار لا فرق بين ( مزومل )  وبين حزبي مثقف إذ تماهت المسافة بينهما حتى اصبح لا فرق بينهما فلاهم تركوا القبيلة لحالها ولبساطتها ولعفويتها ونظافتها وتقاليدها الأصيلة التي عرفت بها ولا هم انشغلوا في عملهم السياسي غير المتمنطق برصاص وبندقية القبيلة كباحثة عن جدوى اقتصادية ومالية لكل خطوة أوموقف تتخذه إما مناوئة لجهة أو مناصرة لجهة أخرى ، لذا فان السياسيين ورجال الأحزاب وقادتها بصفهم الأول والثاني والثالث هم غير أبرياء من هذا (العك) السياسي الذي لم يضر بالتجربة السياسية اليمنية فحسب ، وإنما أضر بالقناعات الوطنية للشعب عامة الذي بدلاً من أن يحزم أحزابه ويقف معها ظل حتى وقتنا الراهن ينضم إلى أحزاب هي عبارة عن دكاكين لبيع المواقف وشراء الذمم السياسية ، لنكن كلنا على بينة مما يجري في بلدنا اليوم من تحالفات وإعادة تحالفات وبناء خصومات واستعادة خصومات لاسيما في ظل العدوان الجائر وتعدد الجهات الخارجية الداعمة والمشجعة وهو ما يؤكد أن المجتمع اليمني مازال ينتظم حتى بعد مضي ما يقارب ستة عقود على قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962 م وفق اتجاهات قبلية تقف تحالفاتها عائقاً حيال خلق شعور بالهوية الوطنية والقومية وهذا يشكل إعاقة ومشكلة كبرى لكل حكومة مركزية تأتي ولكنها تبقى مشلولة لا تستطيع أن تتحرك أو تعمل شيئاً بسبب سيطرة منطق من يدعون انهم مثقفون وساسة على وضعها وتوجهها وتحميل ذلك للقبيلة وهم سبب المشكلة أصلا كما هو حادث حالياً مما يؤكد أن فكرنا لم يتغير بعد وتصرفاتنا ما تزال هي نفس تصرفات تلك الفترة التي مضت عليها عقود من الزمن وكان بإمكاننا أن نغير خلالها أوضاعنا ونرتقي بها إلى الأفضل.
لكن مع الأسف الشديد فقد اختصرنا كل شيء في شيئين اثنين لا ثالث لهما : المال والسلاح وأصبح جل تفكيرنا هو في تحقيق هذين الشيئين وبدونهما يعتقد كل واحد منا أكان متعلماً أم أمياً أنه لم يصل بعد إلى مرتبة متقدمة إلا من خلال امتلاكه للمال والسلاح بدليل أن المسؤول حينما يتسلم منصبه مهما كان واعياً ومثقفاً لا يفكر منذ اليوم الأول لتسلمه المسؤولية إلا في تكثيف المرافقين المسلحين حوله لحراسته وحراسة بيته وعائلته وتوظيف أولاده وأقاربه ثم الدخول في عالم جمع المال بأية وسيلة كانت حراماً أم حلالاً وقد يتحول أولاده وأقاربه ما بين غمضة عين وانتباهتها إلى مقاولين وأصحاب شركات وينتقلون إلى الفلل الفاخرة وتصبح حياتهم كلها سفريات وتجوال وتعال على الآخرين إلى غير ذلك من التصرفات الهوجاء وعندما يفقد هذا المسؤول أو ذاك منصبه يجد نفسه منبوذاً من قبل المجتمع بعد أن فقد تلك الميزات التي أحاط بها نفسه ربما لشعور بالنقص في ذاته أو أن عليه ثارات حيث يكون قد ضرب هذا وأكل مال هذا ويخشى من عقاب الله عليه في الدنيا على أيدي من تسبب بظلمهم ، ولذلك علينا ان نعترف بأن القبيلة بذكائها قد اقتحمت عالم السياسة واستطاعت أن تطوع السياسيين الذين كانوا يأملون أن يتم تطويع القبيلة على أيديهم .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا