كتابات | آراء

بوح اليراع: في ظل صعوبة توفير متطلبات الحياة الأساسية تضاعف الرسوم المدرسية

بوح اليراع: في ظل صعوبة توفير متطلبات الحياة الأساسية تضاعف الرسوم المدرسية

من الملاحظ أن استمرار دوران رحى الحرب على يمن الحكمة والإيمان وما رافقها من إحكام طوق الحصار وارتفاع في الأسعار -بشكل متوالي- للسنة الثامنة على التوالي

قد حمل الكثير من الأسر اليمنية المعدمة على إثناء الأبناء -أولاً بأول- عن مواصلة التعليم ودفعهم للبحث -ما أمكن- عن فرص عمل لعلهم يتمكنون من المساهمة في توفير اللقمة هذا من ناحية، فضلاً عن عجز تلك الأسر عن توفير الحدِّ الأدنى ممَّا يحتاجه أولئك الأبناء من متطلبات العملية التعليمية.
وعند وقوف ذوي الضمائر الحية من المسؤولين في الجهات المعنية على حقيقة هذه الإشكالية وإدراكهم -من منطلق استشعار ما يتوجب عليهم استشعاره من مسؤولية- ما قد يترتب عليها من آثار مجتمعية وتنموية حالية ومستقبلية، بدؤوا يفكرون -بشكل مسؤول- بهدف الوصول إلى المعالجات والحلول، وبالتزامن مع بدء العام الدراسي [2020/2021] كانوا -بالإضافة إلى التغاضي الإيجابي عمَّن لا يتكمن من توفير الزي المدرسي واقتصار فرض المساهمة المجتمعية على القادرين، باعتبارها مساهمة طوعية- قد أجمعوا على تخفيض رسوم التسجيل المدرسية إلى مستويات إغرائية، بل وإعفاء طلاب وطالبات المراحل الدنيا من دفع تلك الرسوم الرمزية بصورة نهائية، وقد تمثلت هذا المعنى بوضوح جلي «وكالة الصحافة اليمنية» بإيرادها -في سياق الخبر المعنون [«التربية» تحدد رسوم تسجيل طلاب المرحلة الأساسية والثانوية] الذي نشر في الـ8 من أكتوبر 2020- ما يلي: (حدَّدت وزارة التربية والتعليم رسوم تسجيل طلاب المرحلة الأساسية في المدارس الحكومية بمبلغ 150 ريالاً، ورسوم تسجيل طلاب المرحلة الثانوية بمبلغ 200 ريال.
وأكدت الوزارة -في رسالة وجهتها إلى مديري مكاتب التربية والتعليم بالأمانة وسائر محافظات الجمهورية- إعفاء تلاميذ المرحلة الأساسية من الصف الأول حتى الثالث من الرسوم الدراسية، وإعفاء التلميذات من الصف الأول حتى الصف السادس من الرسوم الدراسية، إسهامًا في مساعدة أولياء الأمور في التغلب على الظروف المادية الصعبة التي يعيشونها جراء الحصار الاقتصادي والعدوان المستمر منذ أكثر من خمسة أعوام.
وأكدت أنه لا يحق للإدارة المدرسية أو الإدارات التربوية بالمديريات فرض المساهمة المجتمعية على أي طالب، مشددة على ضرورة الالتزام بالرسوم المدرسية المقرة قانونًا لتسجيل طلبة المدارس الحكومية).
بيد أن هذه التسهيلات الرسمية التي أسهمت -إلى حدٍّ ما- في تخفيف بعض الأعباء عن كواهل المعدمين من أولياء الأمور لم تصمد -كما سنبين في ما يأتي من السطور- سوى عام وعشرة شهور.

تضاعف مبالغ الرسوم على وجه العموم
باستثناء تلك الهُدن العسكرية المتجددة التي ترعاها الأمم المتحدة والتي يُوشك صمتها -بفعل ما يتخللها من خروقات متزايدة- أن يُكسر بأصوات تجدد مواجهات غاية في الضراوة والشدة، فضلا عن التعثر في كسر جدار الحصار، فما يزال المواطن اليمني على تواصل متواصل بما عهده -طيلة سنوات التقاتل- من عوامل إثقال الكواهل، إلا أن مكاتب التربية والتعليم قد دشنت العام الدراسي الحالي برفع مبالغ رسوم التسجيل في المدارس الحكومية -في تنافس غير معلن مع مدراس التعليم الأهلي- إلى مستوى خيالي، فقد ارتفعت رسوم تسجيل طلاب وطالبات المرحلة الأساسية من مئاتٍ دون عدد أصابع اليد إلى 1500 ريال كأدنى حد، بل إن أحد الزملاء سجل –على سبيل الاستثناء- طالبين في الصف الثاني أساسي دافعًا عن كل واحد منهما 2220 ريالاً وسجل طالبة في الصف الخامس أساسي بمبلغ 3310 ريالات، بينما تراوحت رسوم طلاب وطالبات المرحلة الثانوية -إذا ما راعينا الفوارق الحاصلة تبعًا لاختلاف الاستراتيجيات المالية لمديري المدارس ومديري المناطق- بين 1500 و 8500 ريال.

استحداث فارق التنقل بين المناطق
وفي سابقة غير معهودة استحدث مديرو المناطق التعليمية في مديريات أمانة العاصمة رسومًا مالية إضافية عن انتقال الطالب -حتى لو نقل مضطرا- من مدرسة واقعة في نطاق مديرية إلى مدرسة واقعة في نطاق مديرية أخرى.
فقد اضطررت -على سبيل المثال- إلى نقل حفيدتي الصاعدة من الصف الاول أساسي من مدرسة تقع في النطاق الجغرافي لمديرية «شعوب» إلى مدرسة واقعة في النطاق الجغرافي لمديرية «آزال»، علمًا أن المدرستين مرتبطتان -عن طريق الصدفة لا الاختيار- بأواصر الجوار، إذ لا يفصل بينهما -بالرغم من احتسابهما على حارتين مختلفتين- سوى الخط الإسفلتيٍّ الذي يمثل نقطة التماس بين المديريتين، فإذا بي أفاجأ -بعد تكبد جهود جهيدة في إنجاز مراحل معاملة مطولة تكللت بالموافقة على نقل الحفيدة- أن رسوم تسجيلها -بسبب ما حصل لها من الانتقال- مبلغ 5000 ريال، فلم يسعني -إزاء تلك المفاجأة التي لم تكن في الحسبان- سوى تهنئة حفيدتي بالوصول على خير حال -بعد قطعها المسافات الطوال- من مديرية «شعوبستان» إلى مديرية «أزالستان»، ولله جزيل الشكر وعظيم الامتنان.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا