كتابات | آراء

جوهر المجاهدين

جوهر المجاهدين

الكثيرون يفهمون ان التقوى هي الصلاة والصوم والزكاة وغيرها من فروض العبادة.. والبعض يقتصر فهمه للتقوى على أنها حسن الأخلاق والمعاملة وعدم الإضرار بالناس معنوياً ومادياً..

بينما أن تكون صادقاً في مواجهة المفسدين والمعتدين.. يعد باباً من أبواب التقوى..
ومن أبواب التقوى قتال الكفار.. وقد أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بمقاتلة الكفار بقوله تعالى: "وقاتلوا الذين يلونكم من الكفار".. وهو ما حدث في عهد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في حرب الأحلاف/التحالف، إلى درجة ان الأمر الإلهي منع المؤمنين من التخاذل بأمر صريح وواضح في سورة التوبة قائلاً: "يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله إثاقلتم إلى الأرض، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل".. بمعنى أن الله سبحانه وتعالى أحق أن تخشوه ليجزيكم في الآخرة، ما يدل دلالة واضحة ان التثاقل منافياً للتقوى ويورد الإنسان إلى الخسران في الآخرة.
وهنا يجدر بنا أن نكرر ما قلناه وأكدناه في مقالات سابقة مستنبطين له من آيات الله سبحانه وتعالى بأن الشيطان له طرق وأساليب عديدة في تصوير مخالفة أوامر الله ونواهيه وتزيينها للإنسان، ومنها عملية تثبيط المسلمين، كما حدث مع المسلمين الأوائل، عندما اقعدهم وثبطهم الشيطان عن مقاتلة أولياء الشيطان خلافاً لأوامر الله.. ومن كيد الشيطان أنه يظهر لأوليائه معانٍ غير صادقة لبعض آيات القرآن.. فنرى اليوم مثلاً أن المرتزقة والمعتدين يستدلون بآيات من القرآن في غير سياقها الصحيح ويثقفون مقاتليهم ثقافة مغلوطة من أمثال الإدعاء بمقاتلة الأبرياء، وإيراد عبارة مسلم يقتل مسلم.. وفي المقابل يلبس عليهم الشيطان آيات الله الواضحة والصريحة التي تمنعهم من موالاة اليهود والنصارى "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين".. ولذلك نستشف أن التخاذل عن نصرة الحق ليس من التقوى.. وأخذ الكتاب قوة ومقاتلة المعتدين بقوة وعدم التخاذل هو باب من أبواب التقوى.. وقد حذر الله البشر من الشيطان بقوله: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا".
كما أن الانكفاء على الذات ليس من التقوى.. فالإقدام بكفاءة في محاسبة الذات وتجنب كبائر الإثم والفواحش.. والانكفاء على الذات من عدم التقوى، لقول الله سبحانه وتعالى: "وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة وأعلموا أن الله مع المتقين".. والانكفاء على الذات والاستئذان وطلب العذر عن الجهاد هو عمل شيطاني، وقد أبان الله سبحانه وتعالى ذلك بقوله: "لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين".. وقد يوسوس الشيطان لأوليائه وأصحاب الإيمان الضعيف ويوحي إليهم بأن قتال أعداء الله فتنة، كما حدث مع الإمام علي كرم الله وجهه عندما انكفأ الناس عن مواجهة الخوارج والمفسدين في الأرض.
ومن هنا يتبين لنا أنه لابد من وجود توازن لأن الاعتزال ليس من التقوى.. فالمؤمن الحق يأخذ بما جاء في كتاب الله من أوامر ونواه بقوة، إذا قال تقدم، تقدم.. وإذا قال توقف، توقف.. ولذلك وصف الله الذين يستأذنون بالمرتابة قلوبهم "إنما يستأذنك الذين ارتابت قلوبهم".
المتقون يتمسكون بالمحكم من الآيات.. والآيات المحكمة والواضحة والصريحة تبين لنا أيضاً ان التردد ليس من التقوى "يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة وأعلموا أن الله مع المتقين".
والتقوى هي سبيل التواد والتآخي والمحبة بين المؤمنين، ولذلك نجد ان المرتزقة والتحالف يبغضون بعضهم البعض، لأنهم ليسوا من اصحاب التقوى بما ارتكبوه وانتهجوه من الذنوب والمعاصي، وهو ما أكده قول الله سبحانه وتعالى: "الإخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين".. كما ان المتقين لا يمكن أن يكونوا بأي صورة من الصور عوناً للظالمين.. وهذا هو جوهر المجاهدين والمؤمنين الصادقين.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا