كتابات | آراء

حديث الإثنين: لن تنجح السعودية بلعبتها الجديدة القديمة

حديث الإثنين: لن تنجح السعودية بلعبتها الجديدة القديمة

في ستينيات القرن الماضي وتحديدا بعد قيام ثورة 26 سبتمبر في صنعاء أنقسم اليمن إلى معسكرين جمهوري وملكي وكلا المعسكرين

كانا مدعومين من الخارج، كانت مصر بجيشها ومن تحالف معها مع الجمهوريين وكانت السعودية بإمكانياتها ومن تحالف معها مع الملكيين، أستمر الصراع بين المعسكرين ما يقارب ثمانية أعوام ولم يستطع أي طرف أن ينتصر على الآخر وبعد انسحاب الجيش المصري من اليمن عقب ما عرف بنكسة يونيو- حزيران عام 1967م حيث احتلت إسرائيل ما تبقى من فلسطين  وقامت باحتلال سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية وأراض أردنية اعتقدت ألسعودية بعد أن تسلم ملكها فيصل آنذاك ملف اليمن من الرئيس جمال عبد الناصر في الخرطوم بأن الفرصة قد أصبحت مواتية لها لتحقيق كل أهدافها خاصة بعد أن تقدم الملكيون لمحاصرة العاصمة صنعاء وكانت على وشك السقوط فضغطت على الإمام محمد البدر وفرضت عليه شروطا معقدة لمواصلة دعمها له ولقواته من أهم تلك الشروط الاعتراف رسميا بتبعية مناطق جيزان وعسير ونجران للسعودية ولكن البدر خيب أمل الملك فيصل فقد قال له: تقطع يدي لو وقعت لك حرفا واحدا يا فيصل فما كان من الملك السعودي إلا أن دعا إلى اجتماع عاجل في صعدة حضره المشايخ ومن كان يتعامل معهم من العملاء والمرتزقة وطلب منهم أن يعينوا ابن عم الإمام البدر الأمير محمد بن الحسين رئيسا لمجلس الإمامة وقائدا للجيوش الشعبية وتحييد البدر وسلبه صلاحياته ومن كان يرفض الحضور كانوا يجبرونه على المشاركة مثلما فعلوا مع العلامة علي عبدالكريم الفضيل رحمه الله حيث استقدموه من جدة إلى صعدة وهو مقيد بالسلاسل وأجبروه على كتابة مخرجات الاجتماع بخط يده لأنه كان معترضا على تحييد الإمام البدركما فعلت السعودية قبل فترة مع عبدربه منصور هادي حين دعت إلى اجتماع عملائها ومرتزقتها في الرياض وفرضت عليهم ما عرف بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي واستقدمت بعضهم بالقوة للمشاركة والموافقة على ما فرضته عليهم.
ورغم نجاح القيادة السعودية في لعبتها إلا أنها اصطدمت بموقف الأمير محمد بن الحسين الذي لم يكن يقل وطنية عن ابن عمه البدر فرفض التوقيع على مطالب السعودية وقال بصريح العبارة للملك فيصل: لقد جعلتني حارس حدود يا فيصل وهنا أتخذ الملك فيصل قراره الذي لا رجعة فيه عندما وجد أن مصلحته وتحقيق أهداف بلده لن تكون إلا مع القادة الجمهوريين في صنعاء فجمد الدعم على الملكيين وأوعز لقيادات ملكية بارزة للانضمام إلى الصف الجمهوري على رأسهم الفريق قاسم منصر الذي كان له الفضل بفك الحصار عن صنعاء من جهة نقيل يسلح بعد انضمامه مع أنه هو الذي حاصر صنعاء من الجهة الغربية وتم التواصل بين القيادة الجمهورية في صنعاء والرياض وسافر وفد كبير إلى جدة برئاسة الفريق حسن العمري عضو المجلس الجمهوري القائد العام للقوات المسلحة ومعه رئيس الحكومة الأستاذ محسن العيني فتمت الموافقة على كل الشروط السعودية في مقابل اعترافها بالنظام الجمهوري في صنعاء واستبعاد بيت حميد الدين من المشاركة في أية مفاوضات وبقاءهم في السعودية وما تزال بنود تلك الاتفاقية سرية إلى اليوم لم يتم الإفراج عنها، ومنذ ذلك التاريخ في يوليو عام 1970م أصبحت اليمن عبارة عن إقطاعية تابعة للرياض، وهذا النجاح الكبير الذي حققته السعودية آنذاك تريد أن تحققه اليوم مرة أخرى فلجأت إلى نفس الحيلة حيث انقلبت على عبدربه منصور هادي الذي أخفق في رفع العلم الجمهوري ليس في مران كما كان يقول وإنما حتى في قصر المعاشيق في عدن وأتت بمجموعة من عملائها ليحلوا محله معتقدة أنها عبرهم ستحقق كل أهدافها غير مدركة أن القرار الوطني اليوم هو في صنعاء التي لن تفرط هذه المرة بسيادة اليمن وحريته واستقلاله وأن مفاوضات الرياض مع صنعاء إن تمت ستكون ندية بعيدة عن التبعية كما تعودت السعودية خلال الخمسة عقود الماضية عندما لم يكن أي حاكم يمني يقطع أمراً إلا بمشورتها حتى على مستوى الإعلان عن ثبوت هلال شهر رمضان.
فهل يستوعب النظام السعودي المتغيرات والمستجدات التي تشهدها الشعوب الحرة المدافعة عن سيادتها واستقلالها ولن تقبل بالتدخل في شؤونها أم أنه سيظل متماديا في غيه يتجاهل إرادة الشعوب التي غيبها الحكام العملاء لمن يحميهم ويدافع عن كراسيهم ولكنهم في النهاية سقطوا وداست عليهم الجماهير بالأقدام، وهل يستوعب أيضاً من لا زالوا يراهنون على السعودية مع أنها مستعدة أن تبيعهم في سوق النخاسة بأرخص ثمن؟.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا