كتابات | آراء

حزب الله: رسائلُ الجوِّ والبحرِ

حزب الله: رسائلُ الجوِّ والبحرِ

خمس جولاتٍ من المفاوضات غير المباشرة خاضها لبنان والكيان الصّهيوني المؤقّت برعاية الأمم المتحدة ووساطةٍ أميركيّةٍ،

حول الحدود البحريّة المتنازع عليها مع الكيان بدأت في أكتوبر/تشرين الأوّل 2020م، وعلّقت في مايو/أيار 2021م دون أن تحرز أيّ تقدّمٍ جرّاء الخلاف على مساحة المنطقة والتي تقدّر بنحو 860 كيلومتراً مربعاً، بناءً على خريطةٍ أرسلها لبنان في 2011م إلى الأمم المتحدة مستنداً إلى تقديراتٍ خاطئةٍ وخيانةٍ وطنيّةٍ ارتكبتها الحكومة غير الشّرعيّة لفؤاد السنيورة. الذي قرّر منفرداً ودون أن يستشير رئيس الجمهوريّة آنذاك الرّئيس العماد إيميل لحود أو مجلس الوزراء، حينها أوفد السنيورة عام 2007م مدير عام النّقل البريّ والبحريّ عبد الحفيظ القيسي إلى قبرص للتّفاوض حول الحدود البحريّة اللّبنانيّة القبرصيّة التي انتهت بتحديد (النقطة 1) كأساسٍ لحدود لبنان البحريّة القبرصيّة إضافةً إلى تفويضه للسّلطات القبرصيّة بالتفاوض مع كيان العدوّ على حدود لبنان البحريّة دون تكليفٍ رسميٍّ وقانونيٍّ، ممّا استدعى لبنان المطالبة بالتّفاوض مجدّداً حول مساحة 1430 كم مربع تشمل أجزاء من حقل "كاريش في ظلّ تمسّك العدوّ الاسرائيليّ بالنّقاط التي حدّدتها قبرص مع السنيورة لتستأنف المفاوضات بوساطةٍ أمريكيّةٍ مع وصول الوسيط الأمريكي الجنسيّة والإسرائيليّ المولد والضّابط في جيش الاحتلال الاسرائيليّ عاموس هوكشتاين في حزيران المنصرم من هذا العام في ظلّ استقدام الكيان الصّهيوني لسفينة الحفر اليونانيّة إلى المنطقة البحريّة المتنازَع عليها مع لبنان.
لم يأتِ هوكشتاين الصّهيوني بالبدلة الأمريكيّة مفاوضاً بل جاء آمراً وحاكماً وحاسماً المفاوضات لمصلحة الكيان الصّهيوني المبنيّة على التّرسيم مع قبرص وهو ما رفضه اللّبنانيون حكومةً وشعباً ومقاومةً مطالبين بالتمسّك بحقوقهم النّفطيّة وحدودهم البحريّة.. موقف جسده الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله ولخّصه بما يلي:
1 - إنّ المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي وإنّ كلّ الاجراءات الإسرائيليّة لن تستطيع حماية المنصّة العائمة لاستخراج النّفط من حقل كاريش
2 – إنّ المقاومة قادرةٌ على منع إسرائيل من استخراج الغاز من حقل كاريش.
3 - اعتبار قضيّة الثّروة النّفطيّة والغازيّة في المياه اللّبنانيّة لا تقلّ أهميّةً عن تحرير الشّريط الحدوديّ المحتلّ
4 – إعلان حالة التّأهّب في صفوف المقاومة على امتداد الحدود البريّة والبحريّة مع العدوّ الاسرائيليّ.
تهديدات السّيد نصر الله استدعت استنفاراً اسرائيليّاً وأميركيّاً وسط مخاوفَ جديّةٍ عبّر عنها ديبلوماسيّون غربيّون وأمميّون، من تطوّر الوضع إلى مواجهةٍ عسكريّةٍ قد تتجاوز حدودها حقل كاريش. ومنذ اللّحظة الأولى لإطلاق السّيد نصر الله تهديداته أدرك الكيان الصّهيوني جديّة التّهديدات التي كشف عنها الإعلام الصّهيوني مثل موقع "والا" العبري عن عمليّةٍ عسكريّةٍ خاصّةّ قامت بها وحداتٌ بحريّةٌ تابعةٌ لـ”حزب الله” اللّبنانيّ، وذلك بهدف رصد الدّفاعات الإسرائيليّة على الحدود مؤكّداً احتمال أن يكون الرّئيس السّوري بشّار الأسد، قد سلّم صاروخ “ياخونت” إلى حزب الله، أمّا رئيس قسم الأبحاث في مركز "ألما" الإسرائيلي للتّحديّات الأمنيّة في الشمال، تال باري، قال بأنّ “حزب الله طوّر ثلاث قدرات في السّاحة البحريّة: إصابة منصّة معروفة بأنّها هدفٌ ثابتٌ كبيرٌ جدًا، وضرب سفينة، ومداهمة الشّواطئ الإسرائيليّة”، مشيرًا إلى أنّ “عدد أفراد الوحدة البحريّة التّابعة لحزب الله يبلغ مئات الجنود من جيشٍ يصل إلى عشرات الآلاف على أساسٍ منتظمٍ. وفي داخل الوحدة البحريّة هناك قوّةٌ من النّخبة العالية، هي قوّة الرّضوان، التي تعرف بمقاتلي كوماندوز بحريّة مضيفاً أنّ كبار المسؤولين في القيادة الشّمالية للجيش الاسرائيليّ يقدّرون أنّه في المواجهة الواسعة القادمة بين إسرائيل وحزب الله، لن يقف الجيش اللّبناني مكتوف الأيدي مؤكّداً على أنّ “مسؤولي البحريّة (الاسرائيليّة) أعلنوا هذا الأسبوع أنّ حزب الله يعمل على مدار السّاعة لجمع معلوماتٍ استخباريّةٍ عن الحدود البحريّة وقوّات الجيش الاسرائيليّ، بما في ذلك منصّة الغاز في موقع كاريش. معلوماتٌ أكّدها الكاتب الصّهيوني شاي روبين في صحيفة "معاريف" في مقال عن المناورة البحريّة الاسرائيليّة قبالة ساحل عكا، والتي تحاكي قوّة حزب الله البحريّة. مشيراً إلى التّقرير الاستخباريّ للجيش (الاسرائيليّ)، ينذر بأنّ الخطر من حزب الله والقطاع اللبناني أعلى من التّهديد من الجنوب في هذا الإطار أتت أولى العمليّات الجويّة  التي أعلن عنها حزب الله ببيانٍ رسميٍّ وباعتراف العدوّ من خلال إرسال ثلاث طائراتٍ مسيّرةٍ في مهمّةٍ استطلاعيّةٍ ضمن حقل كاريش تحمل الرّسائل الآتية:
1 – جدّية تهديدات المقاومة وعدم التّراجع عن حقّ لبنان في النّفط في ظلّ الحديث عن وصول بوارجَ أمريكيّةٍ لحماية سفن استخراج النّفط في كاريش.
2 – تحذير أمريكا والأمم المتحدة والكيان الصّهيوني من مغبّة استخراج النّفط واعتباره إعلان حربٍ.
3 – اعتبار كاريش منطقة نزاعٍ لا يحقّ للكيان الصّهيوني استخراج النّفط منه.
4 – التّأكيد على جهوزيّة المقاومة لمنع الكيان الصّهيونيّ من استخراج النّفط تحت أي ظرفٍ
على ضوء ذلك يدرك العدوّ الصّهيوني وبالتّجربة الميدانيّة ومن خلال المواجهات والحروب التي أجبرته المقاومة على الخروج منها مدحوراً مذموماً أنّ المقاومة التي أذلّته وحطّمت صورة الجيش الذي قيل بأنّه لا يقهر هي أكثر صلابةً من أي وقتٍ مضى وأكثر عدداً وأشدّ تسليحاً وأنّ سيّدها إذا تكلّم صدق، وإذا وعد وفى، وهو القائل ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات والقادم سينبّئكم بهزائمكم الآتية على أيدي رجال الله فانتظروا.

*كاتب واعلامي لبناني

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا