كتابات | آراء

بوح اليراع: البعد القومي في منجزنا الوحدوي التأريخي

بوح اليراع: البعد القومي في منجزنا الوحدوي التأريخي

ما زلت أتذكر أيام ما كنا ندرس في طفولتنا أن مادتي التأريخ والتربية الوطنية في مناهج المراحل الدراسية التأسيسية كانتا تحتويان على أهداف الثورة اليمنية،

وأن مدرِّس المواد الاجتماعية كان يقف بنا وقفة استيعابية تأملية أو متأملة عند خامس أهدافها وهو: «تحقيق الوحدة اليمنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة».
كما لم أزل أتذكر -شأني شأن ملايين اليمنيين غيري- أن إعلان استعادة لحمة «وحدة» شطري الوطن في الـ22 من مايو عام 1990 من ثغر اليمن الباسم «عدن» قد جاء -بدون ترتيب مقصود وبدون سابق ميعاد- بعد أيام معدودات من طي صفحات فعاليات مؤتمر القمة العربية الطارئة التي قدر لها الانعقاد في العاصمة العراقية بغداد، وأن الزعماء الذين كانوا ما يزالون حديثي عهد بالعودة من حضور فعاليات مؤتمر قمة مؤلمة قد بشروا بنبأ إعلان قيام الجمهورية اليمنية وهم في حالة من التوتر إذ لم يخرجوا من قمتهم الآنفة الذكر بأية نتائج إيجابية تذكر، فتلقفوا ذلك النبأ الذي قدم إليهم من أرض حمير ومعين وسبأ بابتهاج منعدم المثال، ونفضوا عن أذهانهم ما كان لا يزال عالقًا فيها من أثر سلبي ناتج عن شدة استفحال الإشكال المتعلق بأكثر القضايا التي وردت في جدول الأعمال، وفرَّغوا أنسفهم للاحتفاء بتحقيق هذا المنجز القومي الجدير تحقيقه بالاحتفاء والاحتفال، وسارعوا -بشكل عاجل- إلى استئناف فتح قنوات التواصل وشرعوا في تبادل التهاني باستعادة لحمة أرومتهم ورمز عزَّتهم التي تعتبر الخطوة التأسيسية لاستعادة الوحدة العربية -من المحيط إلى الخليج- التي كانت وما زالت وستظل -بالرغم من قتامة ما يخيم على المشهد السياسي العربي من ظلال- حلم أحفاد «يعرُب» على مدى الأحقاب والأجيال.
وقد عبر معظم ملوك ورؤساء وأمراء الأقطار العربية في تلك الأثناء عن سعادتهم الغامرة بهذا الحدث العربي الاستثنائي الذي يعتبر نعمة وأية نعمة! لكافة أبناء الأمة بعبارات ذوات نبرات تفاؤلية نورد منها -عن المركز الوطني للأبحاث التابع لرئاسة الجمهورية- النماذج التالية:
- الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي: (إن الوحدة اليمنية في هذا الظرف الدقيق الذي تجابه فيه امتنا العربية تحديات كبرى هو نصر للعرب جميعًا وإنجاز عظيم يجسد تطلعات كل عربي وطموحه في الوحدة والتضامن).
- الزعيم الليبي الراحل العقيد معمر القذافي: (الوحدة اليمنية هي الحدث الايجابي الوحيد في التاريخ العربي المعاصر).
- الرئيس السوري السابق حافظ الأسد: (الوحدة اليمنية إنجاز قومي في الزمن الصعب).
- الرئيس الجيبوتي السابق حسن جوليد: (الوحدة اليمنية إنجاز عظيم على طريق الوحدة العربية الشاملة التي تصبو إليها الأمة العربية).
- الملك المغربي الراحل الحسن الثاني: (إن الوحدة في اليمن لا تعني انتصارا لأبناء الشعب اليمني الشقيق فقط لكنها انتصار لكل أبناء العروبة وبداية صحيحة لاستعادة التضامن العربي والوحدة العربية الشاملة ، وباسم كل أبناء المغرب أبارك للأشقاء في اليمن هذا المنجز العظيم).
ويكفينا دلالة على أهمية هذا الحدث العظيم في تأريخ أمتنا العربية الأبية التي اعتبرتها منطلقًا للعودة بها إلى حالة من القوة التي تمكنها -لا محالة- من الانتصار -من موقع الاقتدار- لكافة القضايا العربية والإسلامية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية قضية 8 ملايين من الفلسطينيين المشردين منذ عشرات السنين، قضية ملايين المضطهدين الذين تنتزع منهم أراضيهم ومساكنهم بأسلوب وحشي مشين لحساب مشاريع الاستيطان وإحلال قطعان المستوطنين، قضية عشرات الآلاف من الأسيرات والأسرى والمعتقلات والمعتقلين، قضية عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من الشهداء المقاومين الذين يقضون بحبهم في مواجهات غير متكافئة ذودًا عن الوطن وقيم الدين ودفاعًا عن كثير من المقدسات الإسلامية ومسرى خاتم النبيين وسيد المرسلين أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يكفي دلالة ذلك كله أنّ الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بعد حضوره فعاليات القمة العربية المذكورة غادر «بغداد» إلى «عدن» منتظرًا على أحر من الجمر قيام فعالية إعلان استعادة ما أسماه «لحمة اليمن»، كما لو كان ينتظرها منذ زمن، وقد ارتجل -في تلك المناسبة المهابة- كلمة تأريخية عبر من خلالها عن عظيم فخره واعتزازه بانتمائه إلى مهد العُرْب ومنبع العروبة وعن ابتهاجه بما أسماه استعادة «اللحمة بين الشطرين الشمالي والجنوبي للجسد اليمني» ناقلاً لعامة أبناء اليمن في ما أسماه «الشطر اليمني» تحيات إخوانهم أبناء «الشطر الفلسطيني»، ومؤكدًا أنَّ (الوحدة اليمنية تعني إعادة اللحمة، واللحمة اليمنية هدية لأطفال الحجارة وللأمة العربية قاطبة)، على اعتبار أن أبناء الأمة من «الفاو» إلى «نواذيبيو» ومن «عين ديوار» إلى «مقديشو» شعب واحد قدرُهُ التوحُّد ومستقبله في ظل التكاتف والتعاضد مستقبل بالنصر والتمكين واعد.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا