كتابات | آراء

اليمن.. لعبة الدم والموت إلى أين؟!.. (126)

اليمن.. لعبة الدم والموت إلى أين؟!.. (126)

يحضرني وأنا أهمُ بالشروع في الكتابة عن بعض الأحداث التي عصفت وتعصف باليمن , مقولة قوية ومُعبرة لها دلالتها ومغزاها ،

لا أتذكر من قائلها أو صاحبها ،يصف فيها اليمن قائلاً : " اليمن جوهرة نفيسة بيد فحَام "  !.
ولعل هذا القائل لتلك المقولة لم يكن ليغفل وهو يقولها , ما يُفيد ويؤكد بأن ذلك الفحام الممسك بيده تلك الجوهرة النفيسة ( اليمن) لا يدري ولا يعرف أيضاً قيمة هذه الجوهرة النفيسة المكنونة ولا يعلم شيئاً عن أهميتها وغلاها على الاطلاق ،
إن لم يكن أساساً يجهل مع الأسف الشديد قدرها السامي العظيم , ويتعاطى ويتعامل مع هذه الجوهرة على أساس من الرخص والإبتذال والإهمال واللامُبالاة والجهل , وعدم الإهتمام والعناية , أو أنهُ لا ينظر إليها كشيء لا يُقدر بثمن.
ومع هذا الجهل والمفهوم السائد والمُترسخ عن اليمن ، يمكن التأكيد هُنا بأنهُ لا يُمكن بأي حالٍ من الأحوال أن تُقاس اليمن ( هذه الجوهرة النفيسة والدُرة المكنونة ) بأي غِنى أو ثروة أو ملك عظيم لا في الماضي ولا في الحاضر ولا حتى في المستقبل .
لتبقى اليمن باتساق الآراء هي أثمن وأغلى وأعظم الأشياء , لو كان ذلك الفحام الجاهل الغافل وأطنابه يعقلون ويفقهون ويعون ويعلمون !.
لا غضاضة ولا بَدَع أن أعيد القول تأسيساً على ما تقدم ذكره بهذا الخصوص : تحضرني تلك المقولة سالفة الذكر , أو بمعنى أصح وأدق هُنا تحضر المقولة هذه التي ترقى إلى مستوى الحكمة بقوة ولمعناها الكثير من الدلالات التي لا يمكن أن تغيب عن كل فطِن ولبيب , وأنا أنظر الى ما حدث ويحدث في يمننا الحبيب بعين الحاني , الراثي لسوء الحال والمآل الذي وصل اليه بسبب عدم ادراك وتنبه أبنائه لقيمته وأهميته كوطن غال ومعطاء ومميز وفريد بكل شيء , وإنشغالهم وعدم جديتهم لتجريد أنفسهم. لبنائه ورفعة شأنه واستمراء خوض الصراعات والحروب فيما بينهم على مالا ينبغي أن ينشغلوا به ويستمروا فيه وهم ظالمين لأنفسهم .
تحضرني المقولة اياها وأنا أتناول بقدر يسير من التوصيف والتعليل والتحليل ومحاولة الفهم والشرح لما حدث ويحدث هُنا , لأجد نفسي مُحتاراً بكل ذلك وغير فاهم ومُستوعب له وغارقَ في الكثير من التفاصيل الصغيرة والكبيرة المتعلقة بجملة الأحداث التي عصفت به وبنا ولا زالت تفعل بنا الكثير دون ذنب ولا سبب غالباً.
بيد أن كل هذا الذي حدث ويحدث في اليمن , لا يمكن إعتباره عفوياً وطبيعياً في مجمله بل ولا أجد ما يبرره ويشرعنهُ ويجيزه , وهو يندرج بإجماع الكل ضمن " سياق اللامعقول واللامشروع , واللامقبول واللا ممكن " , ويبقى في إطاره ومحدداته التاريخية ضمن النطاق المُخالف لطبائع الأشياء , ولا يمكن القبول به تحت أي ظرف وحجة ودافع , ليبقى مُجَرَماً ومُداناً , وغير لائق ولا خليق بنا وباليمن أبدا .
ولا جَرَم أن نقولها صريحةً صادقة هُنا وبلا تحفظ أو تردد ، إن اليمنيين كانوا وما زالوا هم أجهل الشعوب مع الأسف الشديد بقدر وقيمة وأهمية بلادهم وما تمتلكه من ثروات وخيرات وتاريخ عريق مجيد ، وإرث حضاري وإنساني عظيم لا تمتلكه أي بلد آخر في العالم ، ولها مميزات ومقومات ومؤهلات كثيرة ومتنوعة تجعل هذا البلد العربي أغنى البلدان والأوطان وأكثرهم ثراء ورخاء وإزدهاراً وتقدماً وسعادة .
فقد حبا الله اليمن موقع استراتيجي هام يتوسط العالم وأمدها بكل أسباب السعادة والرخاء والنمو والغنى لو تم الأخذ بها ، إلى امتلاكها لموانئ هامة وممرات مائية تربط بين الشرق والغرب ، وأرض زراعية خصبة وبيئة سياحية ثرية وغنية وثروات متعددة لا تحصى لم تستغل بعد .
والأهم أن اليمن هي البلد الوحيد في الدنيا التي وصفها الله تعالى في السياق القرآني بالبلدة الطيبة ، وهي خصوصية وميزة لم تُعط وتمنح لغيرها ، لكن أبنائها مع الأسف نأوا عن ذلك جانبا ولم يعطوا لهذه النعمة حقها لتتحول سعادتهم على أرضها الخيرة المعطاءة الى شقاء وعناء دائم ومستمر ويقاسون على الدوام العوز والحرمان والفقر وشظف العيش .
وفي العصر الحديث على سبيل المثال تُؤكد الكشوف والمسوح التي أجرتها عدد من الشركات الغربية بواسطة الأقمار الصناعية قبل سنوات امتلاك اليمن لثروات هائلة وضخمة لاتزال في باطن الأرض لم تستغل بعد منها الثروة النفطية حيث تربض اليمن على أكبر وأغنى حقول النفط في العالم من بينها حقلي الجوف وحرض بحجة وحقول مأرب وشبوة وحضرموت والحديدة وصعدة وغيرها ، إلى جانب الثروات المعدنية الأخرى ومنها الذهب وكلها ثروات وخيرات لو استغلت لنقلت اليمن نقلة نوعية وجعلت هذا البلد الفقير الأغنى والأكثر رخاء وثراء ونمواً ، بالإضافة لإمتلاك اليمن ثروة سمكية وسياحة وزراعة تدر عليه مليارات الدولارات سنوياً .
ولو استغل فقط ميناء عدن فقط وأعد وأعيد تأهيله ليكون منطقة تجارية وصناعية عالمية لكان رقم واحد في العالم ولما كان ميناء دبي أو غيره شيئاً يذكر .
كل هذا وغيره يجعل قول القائل :" اليمن جوهرة نفيسة بيد فحام "  ، هي الأصدق والأبلغ والأكثر مصداقية وواقعية ومقاربة موفقة لما حصل ويحصل في الواقع اليمني المعاش بماضيه وحاضره وحتى مستقبله .
وفعلاً مازالت اليمن هذه الجوهرة النفيسة المُهدرة والمُهملة بيد ذلك الفحام الذي لا يعرف قيمتها وغلاها ، ولا يزال ذلك الفحام الجهول العنيد الغبي هو السبب والمتسلط عليها وعلى شعبها والحائل بينها وبين استردادها إعتبارها وقيمتها بين الجواهر النفيسة ، وإلى هذا الفحام المتجسد هنا بمن يتوالون على حكمها يُعزى ديمومة وإستمرار هذا الشقاء والعناء الذي يعيشه أبناء اليمن بكل تفاصيله ، ولن تكون اليمن جوهرة نفيسة تغني أهلها في ظل وجود ذلك الفحام أو بالأصح الفحامين وما أكثرهم !.
........ يتبع .........

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا