كتابات | آراء

طوبى للراحل المرتحل..!!

طوبى للراحل المرتحل..!!

أزف رحيل شهر الصيام والقيام والقرآن، ودنت شمسه للمغيب، فمن كان محسناً صائماً، قائماً تالياً للقرآن، هنيئاً له، وطوبى له، وليبشر بجائزة عظيمة من ربٌّ رحيم،

ومن كان عكس ذلك، فليتب الى الله توبة نصوحا، ويعود الى طريق الهدى والرشد، مادام في العمر بقية.. قبل أن تقوم نفس يا حسرتاه على ما فرطت في جنب الله.. وحينها لا ينفع الندم..
علينا أن نحسن أعمالنا، وأخلاقنا، قبل فوات الأوان، فإن الأعمال بالخواتيم.. والأوقات بذكر الله، وتلاوة القرآن، فالذكر يحيي القلوب بالإيمان، ويزكي النفوس من أدران الآثام والذنوب.. ولا تكونوا من الغافلين.. وقد أفلح وفاز من كان لسانه رطباً بذكر الله..
وصدق المولى عزوجل القائل: (يا أيها الذين آمنوا أذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرةً وأصيلاً) الأحزاب.. "41- 43"..
ألم تروا أن الأعوام تتجدد عاماً بعد عام.. وكل عام نودع أصحاباً وأصدقاء كانوا معنا في رمضان الماضي، ورحلوا عنا.. فليقف كل منا مع نفسه، محاسباً لها، قبل أن تحاسب.. وصدق رسولنا الأعظم عليه وآله الصلاة والسلام القائل: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"..
فليكن لنا وقفات مع محاسبة النفس.. فالأيام والأعوام تمر مر السحاب، وكلها محسوبة من أعمارنا..
خطب رسولنا الأعظم عليه وآله الصلاة والسلام يوماً فقال: "أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا الى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا الى نهايتكم، ألا إن المؤمن بين مخافتين، بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وبين أجل قد بقى لا يدري ما الله قاضٍ فيه، فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته"..
يرحل رمضان وتمر الأيام والأعوام، ونحن في سبات غافلون لاهون.. وابن آدم لم يدرك بعد أن كل يوم يمر، هو من أعمارنا.. فهو راحل.. راحل مهما عاش.. فكل يوم يمر بنا، فإنه يبعدنا عن الدنيا، ويقربنا الى الآخرة.. فلنتأمل قوله عزوجل: (ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري الى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير) لقمان- 29..
فطوبى لعبدٍ قضى أيام عمره في طاعة الله، وأعمال البر والإحسان.. وأدرك أن الحياة الدنيا متاع زائل.. وكل ما عليها فانٍ وزائلٍ.. مصداقاً لقوله تبارك وتعالى: (فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عندالله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) الشورى- 36..
فالأيام والأعوام تمر.. وأعمارنا تتناقص.. وكل يوم نقترب من الرحيل.. شئنا أم أبينا..
يقول عليه الصلاة والسلام: "ما من عامٍ إلا ينقص الخير فيه، ويزيد فيه الشر".. وقال: "ما من عامٍ إلا والذي بعده، شر منه حتى تلقوا ربكم"..
فهنيئاً لمن أطاع الله وأتقاه.. وعمل لما بعد الموت، ورضي عنه ربه.. والويل كل الويل لمن لم يدرك رمضان، وغفل عنه، وغضب ربه..
فبادروا بالأعمال الصالحة قبل وصول الآجال.. كما جاء في الحديث النبوي الشريف: "فستكون فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا"..
إياكم أن تعودوا الى المعاصي بعد رمضان.. بعدما عمرتم بيوت الرحمن بالذكر والطاعة والعبادة وتلاوة القرآن.. واصلوا هذه الخطوة المباركة بخطوات إيمانية وعزيمة لا تقهر.. وداوموا على الصلاة، وتلاوة القرآن والعمل به، فهو حبل الله المتين، وهدى ونور وشفاء لما في الصدور..
لم يتبق من رمضان إلا أيام قلائل، فياله من شهر عظيم البركات، واسع الرحمات، شهر شرفه رب العزة بليلةٍ مباركةٍ هي ليلة القدر خير من ألف شهر، تكريماً وتشريفاً لهذه الأمة المحمدية.. كان عليه الصلاة والسلام: "إذا دخل العشر الأواخر من رمضان، أحيا الليل، وأيقظ أهله وشد المئزر"..
طوبى لمن أحسن صيامه وقيامه وتلا قرآنه، وكان القرآن شفيعاً له يوم القيامة..
كلمة مضيئة:
إن الزمن كسفينةٍ في بحرٍ لجي تغشاه الأمواج من كل حدب وصوب، يقطعه الناس حتى توصلهم الى شاطئ المصير المحتوم.. والناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.. كما قال عليه الصلاة والسلام.. فالأيام تتوالى، وما علينا إلا الحرص على الوقت، أن نملأه بالأعمال الصالحة، وأن يأخذ الإنسان من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته..
فالموت عندما يأتي لا يطرق الأبواب.. طوبى لمن أدرك رمضان صياماً وقياماً وتالياً للقرآن.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا