كتابات | آراء

كلك نظر: الفقيد أحمد العبسي.. ذاك الجندي المجهول

كلك نظر: الفقيد أحمد العبسي.. ذاك الجندي المجهول

في الثاني من مارس الماضي 2021م غيب الموت المناضل أحمد ناجي حسين العبسي.. وكان مولده بنفس التاريخ 2مارس من عام 1938م في قرية بيت محمود مخلاف عمار لواء إب


وبمناسبة ذكرى التأبين أكتب بإيجاز هذه السطور أدناه من سيرته الكفاحية والعسكرية.
عُرف أحمد العبسي ومنذ سن مبكرة بالكفاح والتغلب على مصاعب الحياة المتعددة واستنطاق جوانب وسبل التغلب على المعضلات بعد ان تعايش وتفاعل معها فشكل مخزونه الانساني وذاكرته التي تراكمت فيها المواقف والأحداث لاحقاً.
في سن مبكر عمل في مجال الزراعة وذلك للمساهمة في إعالة الاسرة المكونة من والدته وثلاث خوات وأخ صغير.
في أوائل ستينيات القرن الماضي أنتقلت الأسرة من قرية بيت محمود الى قرية بيت طويل.. وقد أدرك الشاب أحمد العبسي ان لا أحد يمكن ان يكون ناجحاً الآ من خلال مواصلة نفس آلية الكفاح والتمتع بتقدير الذات وتقدير الآخرين في قريته الجديدة  بيت طويل والتي تحمل بساطة المجتمع الريفي الذي أعتاده في سابقتها.. ولحسن اخلاقه وطيبته نال الاحترام والتقدير في قريته الجديدة بيت طويل والقرى المجاورة لها بل عزلة رخمة وكل من عرفه من العزلة أو خارجها.
شارك في حرب السبعين يوماً للدفاع عن العاصمة صنعاء من ديسمبر من عام 1967م الى فبراير من عام 1968م في أوائل اغسطس من عام 1968م عرض عليه بعض المسؤولين ان ينتسب كعسكري اساسي الى احدى وحدات الجيش أو الشرطة فوافق.. لكن عندما شاهد أحداث اغسطس التي استمرت من 21الى 23 اغسطس  من عام 1968م غير رأيه وعاد الى القرية أواخر أغسطس من نفس العام.
في عام 1969م أنضم الى منظمة المقاومين الثوريين اليمنيين كعضو سري.. وفي أوائل سبعينات القرن الماضي تم تأطيره كعضو علني مقاتل في إطار المنظمة وقد شارك مع رفاقه في التصدي للحملات العسكرية والقبلية التي كانت تواجهها السلطات المتعاقبة الى مخاليف المنطقة الوسطى بشكل عام ومخلاف عمار بشكل خاص.
في أواسط سبعينات القرن الماضي عرضت عليه قيادة المنظمة وظيفة في عدن عسكرية أو مدنية حسب رغبته.. لكنه فضل البقاء في القرية.. لذلك كان عرضه لمحاولات القبض عليه عدة مرات وفي كل مرة كان ينجو بأعجوبة.. في إحدى المرات من عام 1975م جاء ثلاثة عسكر للقبض عليه في الوادي غرب القرية كان يبعد عنهم بخطوات قليلة لكنه اختفى بين مياه الساقية "الغيل" التي تحيطها الأشجار.. وبحثوا عنه عدة مرات ولم يجدوه.. كرروا البحث حتى يأسوا وانصرفوا.
مواقف ومشاهدات مع المرحوم أحمد العبسي
- خلال الفترة من اوائل عام 1977م الى نهاية يونيو1979م وهي الفترة التي مكثت فيها في عمار قبل عودتي الى جنوب الوطن أذكر كثيراً من المواقف مع الرفيق أحمد العبسي وكنت واياه نعمل سوياً تحت قيادة الرفيق صالح الهمزة .. نعم أذكر جيداً كثيراً من المواقف المشرفة خلال الفترة المذكورة اعلاه اكثر من غيري لكونه كان جارنا في القرية ومن تلك المواقف في احدى المرات شاورته ونحن في منزلة بأن يشارك الحاضرين في الحديث الذي لا يخلو من السياسة اجابني بما معناه.. انه لا يحب الحديث بالسياسة المهم ان نكون مناضلين شجعان ندافع عن الوطن وسيادته من الوصاية السعودية.. والمهم اننا نريد ان يكون وطننا اليمن مزدهراً نعيش فيه احراراً.. نعم نحيا حياة كريمة قلت له.. كلامك ممتاز أفضل من كلامنا.
- في إحدى المرات ذهبنا أنا واحد الرفاق- مافيش داعي أذكره- ذهبنا بقيادة الأخ أحمد العبسي لتنفيذ مهمة موكلة لنا من الرفيق صالح الهمزة في قرية قهلان عبرنا السيل الى منتصفه في منطقة العرش وزل رفيقنا الثالث وجرفه السيل عدة خطوات.. وبمهارة وحركة سريعة لحقه الرفيق أحمد العبسي وانقذه من انجراف محقق وربما موت محقق.
- في عدة حالات كان للرفيق أحمد ناجي العبسي مواقف مشرفه وشجاعة ترفع الرأس الله يرحمه كمقاتل في الجبهة الوطنية.
- بعد يونيو عام 1979م كنت في عدن وأسال بأستمرار عن رفيقنا أحمد العبسي وكان الرد باستمرار هو ذاك اللي تعرفه مقاتل شجاع.
- في الحرب التي شنتها السلطة ضد المناطق الوسطى خلال الفترة من أوائل عام 1981م الى أواخر عام 1982م اي خلال عامين متواصلة كان الرفيق احمد العبسي من ضمن الرفاق الذين تصدوا لتلك الحرب الظالمة وبعدها وبموجب اتفاقية سلطة الشطرين مع الجبهة الوطنية بوقف القتال وإحلال السلام والذي تبعه تجنيد إجباري جندي من كل بيت.. خدم المناضل أحمد العبسي فترة في القوات المسلحة ثم سلم هذه المهمة لأبنه الأكبر علي الذي مازال يواصل المشوار برتبة ملازم أول وعاد الرفيق أحمد الى الزراعة الذي احبها كثيراً .
- قبل سنوات قليلة قال اللواء الركن علي محمد صلاح في كتابه "من مذكراتي" الجزء الثالث بما معناه ان القيادي أحمد العبسي قد خزن كمية من الاسلحة لمقاتلي الجبهة الوطنية خلال حرب عامي 81- 1982م وهذه شهادة للرفيق أحمد العبسي بأنه ظل ثابتاً على مبدئه كمقاتل في إطار الجبهة الوطنية الديمقراطية.
في ختام هذه السطور أود تذكير من لا يذكر بان المناضل أحمد ناجي حسين العبسي كان مقاتلاً شجاع على قدر كبير من التفرد.. نعم لقد عاش كجندي مجهول صنع بصلابته نموذجاً رائعاً للمقاتل الجسور ضد الظلم السلطوي ورحل الى باريه بعد حياة 83 عاماً حافلة بالنشاط قضى معظمها في خدمة الوطن- رحمة الله عليه.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا