كتابات | آراء

مارب.. ورقة الرهان.. وحسابات المواجهة (1 – 2)

مارب.. ورقة الرهان.. وحسابات المواجهة (1 – 2)

 لكل طرف في الصراع أو في العدوان في مارب حساباته ما بين حسابات الربح والجدوى وحسابات الخسارة.. وكذا ما بين حسابات الموقف الوطني وبين المخاوف الإقليمية والدولية..

قوى الإصلاح العسكرسياسية وبعض متحالفيه يرون في مارب المرتكز الجغرافي والمالي ونقطة الثقل الذي يريدون البقاء فيه لأطول فترة ممكنة خاصة بعد أن إزاحتهم قوات الجيش واللجان من نهم ومن مناطق الجوف.. ظلوا مراوحين في مناطق محدودة في مارب التي تسيطر على النفط وعلى الغاز..
وتحولت إلى مراكز نفوذ للاستحواذ على الموارد المالية العظيمة في كل من مارب وشبوة وحضرموت.. ويبدو أنها استعذبت مثل هذا البيات الشتوي.. واستمرأت القيام بدور الحالب للثروة الوطنية.. وتمنت أن يكتفي المدافعون عن صنعاء بما قد حققوه من تقدم ومن احتواء للعديد من المناطق المحيطة بمارب في الجوف وفي مارب وفي اتجاه البيضاء..
أما حسابات الرياض فإنها ترغب في أن يبقى الحال على ما هو عليه لان تلك المراوحة تهيأ لها المناخات المناسبة لمزيد من الاستحواذ على مناطق يمنية في الشرق اليمني باتجاه المهرة وحضرموت واتجاه سقطرى.. كما أن إطالة أمد الصراع يشغل اليمنيين كلهم عن التذكير للبدء باستثمار منطقة الجوف والمناطق البحرية المتاخمة لحدودها البحرية في البحر الأحمر.. ولذا فإنها مع استدامة الصراع وإطالة أمد العدوان إلى أجل غير مسمى.. ولا يخفى على مراقب حصيف ما تقوم به الرياض من تواجد كثيف لقواتها في عدن وفي المهرة وفي شبوة وفي سقطرى.. فيما تركت مسألة حماية خاصرتها الجنوبية لمجاميع المرتزقة الذين استأجرتهم من الداخل اليمني مستغلة حالات الفقر والاحتياج التي صنعتها هي جراء هذه الحرب والحصار الخانق والاستحواذ وإعداد الصنائع المرتهنة لها من الساسة في جنوب اليمن وفي شماله من الوجاهات ومن الشخصيات السياسية المهاجرة في المنافي.. ولم تتردد عن استئجار كتائب وألوية من السودان ومن جيوش أخرى للقيام بهذه المهمة..
 في حين تقف أبوظبي متحينة متصيدة لكل إمكانية توفر لها سيطرة على الموانئ والمنافذ البحرية والبرية بدءا من سيطرتها على ميناء عدن ثم ميناء المخا ثم ميناء المكلا عدا ميناء نشطون لأنه بقي في عهدة وسيطرة القوات السعودية الغازية والمحتلة للمهرة وكذا قامت أبوظبي بالسيطرة على مطار عدن بالتقاسم مع الرياض وسيطرت على مطار الريان بحضرموت وعلى مطار سقطرى وبقي مطار الغيظة في يد السعوديين..
واتفقت الرياض وأبوظبي على الأطباق والحصار البحري على ميناء الحديدة وميناء الصليف واللحية وعطلتا عاصمتا العدوان ميناء الغاز المسال في بلحاف في شبوة في مقاصد للاضرار الاقتصادي باليمن بكاملها..
ولم يبق أمام اليمنيين المدافعين عن قيم الوطن والساعين لاستعادة السيادة الوطنية المهدرة غير التوجه نحو مارب أولاً لأن إهدار تلك الثروة في كل من مارب وشبوة وحضرموت أمر لا يمكن السكوت عنه من كل الشعب لاسيما وان بشاعة الاستغلال وفظاعة النهب قد أثارت غضب الشعب كله شماله وجنوبه شرقه وغربه.. كما أن إطالة أمد هذه الحرب العبثية والاستنزافية قد عرض البلد بأكملها إلى التمزق وإلى إنشاء ما يمكن تسميته كانتونات يمكن أن تستفحل لتصل إلى تمزق كامل..
ويبقى الصمت على إبقاء هذه الحالة غباء وسير اعمى خلف حسابات طبخت في لندن وفي تل أبيب وفي واشنطن وفي باريس ذاتها لانه حدث ما يشبه التناغم بين تلك العواصم وعواصم الرياض وابوظبي والقاهرة والمنامة..
ولا مناص من مثل هذه القراءة الجيوسياسية.. للأحداث لإصرار عواصم العدوان على تبريد جبهات واستنزاف جبهات واللعب بالمناورات السياسية على المنطقة وعلى المجتمع الدولي ذاته الذي تحول إلى أكبر شاهد زور في أهم واخطر مرحلة تاريخية وظل يناور لعبته في التخدير وفي التسويف وفي توفير الغطاء السياسي للرياض وأبوظبي اللتان أجادتا دورهما بإتقان ومثلا القفازين القذري بجدارة المرتهن الكامل لحسابات ما بعد العدوان لخدمة لندن الباحثة عن سطوتها الاستعمارية السابقة ولكن بطرائق أكثر حداثة, وعن الدور الأمريكي, وعن الاحتفاظ لباريس بنصيبها من الكعكة ومن النفوذ.. فيما المستفيد الاخطر يكمن في تل أبيب بضمان نفوذه المنشود في جنوب البحر الأحمر وفي البحر العربي من خلال تواجده في جزيرة ميون وفي أرخبيل سقطرى.. ويبقى للرياض ولأبوظبي دورهما المرسوم في لعب دور المتعهد على الجغرافيا اليمنية وللبقاء كمظلة لنفوذ دولي مستقبلي متطور حتى لا تثار حفيظة روسيا والصين وبقية الدول الاقتصادية الكبيرة مثل اليابان وغيرها..
لذلك استعادة مارب أو استعادة مناطق تعز والمخا مسألة لا تريدها عواصم النفوذ العظمى مثل واشنطن ولندن وباريس..
وهي عواصم تحرص أن يبقى الصراع متأججا ومستداما لكي تنجح الصفقات المشبوهة لحساباتها لما بعد العدوان..
وما يزعج أطراف الحرب العدوانية وأطراف إدارة المؤامرات.. الصواريخ الباليستية والطيران المسير الذي أجارت صنعاء إدارته بكفاءة عالية لأنه يفرض معطيات على مسارات الحرب والقتال والمعارك والصراع في المنطقة بكاملها.. لذا علينا أن نستوعب جيدا العملية الأخيرة من استهداف الرياض وخميس مشيط ونجران.. كورقة ضغط على كل تلك العواصم تقول مفرداتها لن نقبل أن تمزقوا اليمن ولا يمكن الصمت على الاستحواذ على المناطق اليمنية وعلى استمرار تمزيق السيادة الوطنية لليمن.. ونعتقد أن كل هذه الرسائل قد وصلت إلى عواصم العدوان والمؤامرات..
ومن هنا نفهم جيدا لماذا كل ذلك الاحتشاد في مارب ولذا دفع بكل المتطرفين والإرهابيين والمرتزقة والموتورين إلى مارب.. مع أن جهد استعادتها مستمر ولا رجعة عنه فقط رفع الأعداء من كلفة هذه الاستعادة وحاولوا وضع صعوبات إضافية, لكن خلال فترة وجيزة ستبدو الملامح الأولى للانهيار وستعود مارب إلى صنعاء.
وما بعد مارب ليس ببعيد عن حسابات القيادة الثورية والسياسية في صنعاء..
إن الانجاز العسكري الميداني في مارب والمقدرة العالية لإدارة الصراع الجيوستراتيجي بأدوات الصراع من صواريخ باليستية وطيران مسير ومقدرة عالية في الدور الاستطلاعي الاستخباري لمكامن الضعف والمناطق الحساسة لدى العدو وكذا المقدرة للوصول إليها سوف يفرز خارطة صراع جديدة سيضع عواصم العدوان أمام استحقاقات قاسية جدا في قادم للأسابيع المقبلة ولن يكون في مقدور التفوق في الطيران أن يضمن لها أية تفوق في إدارة مؤثرة للصراع القائم.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا