كتابات | آراء

البحر الأحمر ملتقى الاطماع الاستعمارية : ( الحلقة61)

البحر الأحمر ملتقى الاطماع الاستعمارية : ( الحلقة61)

ويبدو أن إنجلترا أرادت أن تتظاهر بالرفض حتى لا تكشف عن الاعيبها وتواطؤها مع إيطاليا حيث ذكرت أنها لا تبدي أي اعتراض عند اللزوم ,

ولكن من الواجب مراجعة الباب العالي حيث لا مصر ولا إنجلترا لها الحق في البت  بمثل هذه الأمور , وكانت إنجلترا في هذه الفترة قد نزلت بقواتها في زيلع وبربره , ومن المؤكد أن هذه الإثارة لموضوع السيادة العثمانية لم تكن إلا لعبة سياسية من قبل إنجلترا أرادت بها تمويه حقيقة موقفها وفي هذه الآونة طلب مانتشيني من القنصل الإيطالي العام في مصر أن يتعاون مع نوبار باشا بخصوص مسألة بيلول ومصوع وأن يطلعه على نتائج المحادثات الإيطالية البريطانية في لندن مع التأكيد على أن إيطاليا تضربمصلحة مصر وكانت إيطاليا تسعى إلى عقد اتفاق سري مع نوبار باشا بالإضافة  إلى أنها كانت تلعب على الحبال حيث أنها أرادت أن تحصل على موافقة من إنجلترا لاحتلال مصوع , وفي الوقت نفسه إلى موافقة مصر فيما يتعلق ببيلول هذا وقد أفاد السفير الإيطالي لحكومته أنه أحس أن نوبار باشا موافق على احتلال ايطاليا لبيلول, ولكنه يخشى أن يساعد إيطاليا بشكل سافر بالإضافة إلى أنه يعلم أن إنجلترا لن تعترض على تلك الخطوة الإيطالية وأنه لا يرى في ذلك أي مساس بمصلحة مصر , ونصح السفير الإيطالي حكومته بالمباشرة في احتلال بيلول من أجل سلامة عصب حيث أن الفرنسيين يهدفون إلى التدخل في شرم أمفيلا وافقت إنجلترا بعد ذلك على احتلال إيطاليا لمصوع واعتبرت ذلك ليس خدمة تقدمها إيطاليا لإنجلترا فحسب , وإنما لفتة ودية منها تجاه إنجلترا.
وبقى على إيطاليا بعد ذلك أن تجد مبرراً لما تنوي أن تقوم به من توسعات فقد  حدث أن قتل الرحالة الإيطالي  جوستافوبيناكي  الذي كلفته جمعية ميلانو الكشفية بالبحث عن طريق تجاري عبر بلاد الدناكل يربط الحبشه بالبلاد الساحلية ولقي هذا الرحالة مصرعه في 17أكتوبر 1884 أثنا مروره من بلاد الدناكل لتنفيذ هذه المهمة ولكن إيطاليا قد بدأت في التوسع العسكري المسلح باحتلال بيلول في 25يناير 1885م بحجة كبح جماح الد ناكل والقضاء على الفوضى الضاربة أطنابها في بيلول حتى لاتكون مصدر أخطار دائمة لعصب , وقررت الحكومة الإيطالية ارسال حامية إلى المنطقة وأبحرت الدفعة الأولى من هذه القوة بقيادة الكولونيل (ساليتا ) على ظهر سفينة من نابلي متجهة إلى البحر الأحمر , و قبل أن يصل ساليتا إلى عصب أمر وزير الحربية الإيطالي في يناير 1885م بأنزال قواته في مصوع واحتلالها وأنظمت الى هذه القوة إحدى السفن الإيطالية التي كانت تتجول في البحر الأحمر بقيادة  الجنرال ( كايمي ) وفي صباح فبراير 1885م وصلت السفينتان إلى ثغر مصوع ولقي الإيطاليون معارضة من جانب الضابط المصري عزة بيك وكيل محافظ مصوع وقائد القوات المصرية فيها الذي أحتج احتجاجاً شديداً ضد نزول أية قوات أجنبية في منطقة تخضع لسيادة الباب العالي فعمد الأميرال كامي إلى تسليمه نسخة بالعربية من منشورات أعدها القائد لإعلانها على سكان مصوع وذلك بقصد التحايل لانزال القوات الإيطالية في مصوع دون قتال وجاء في النص لسكان مصوع أن الحكومة الإيطالية بالاتفاق مع الحكومتين البريطانية والمصرية أمرتني باحتلال قلعة مصوع , وذلك الاحتلال الذي أقوم بتنفيذه اليوم إن العلم الإيطالي سوف يرفع بجانب العلم المصري كما سيتولى الجنود ورجال البحرية الإيطاليون الذين نزلوا إلى مصوع للمحافظة بشدة على النطام نحن مستعدون لدفع ثمن كل ما نحتاج إليه ونريده ولسوف نحترم عاداتكم وديانتكم , ولن أضع أي عقبة في وجه تجارتكم بل بالعكس فإن كل جهودي سوف تتجه إلى رواجها , وأني أستطيع أن أطمئنكم إلى نوايا الحكومة الإيطالية الطيبة , و على ذلك فنحن نطمح في صداقتكم , وأن تستمروا في أداء اعمالكم التي كنتم تقومون بها , وأن تشعروا بالطمأنينة والأمن   .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا