الأخيرة

خواطر سرية: عبودية سياسية

خواطر سرية: عبودية سياسية

ما سأكتبه يحتاج من القارئ أن يكون مركزاً بشكل جيد، كون عنوان المقال سيدهش بلا شك من لا يعلم أن هناك عبودية سياسية يمارسها الشيطان واستطاع من خلالها أن يتقن برامجه الاستحواذية على أوليائه ويتجه بهم عكس توجيه بيان الله الذى بينه للإنسان كونه خلق لعبادة الله باختياره العقلى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ".

لكن الإنسان وحبه للدنيا ومن خلال احتسابه أن طاعة الله فقط هى الصلاة والصوم وغيره من اركان العبادات.. ورغم أن الرسول الأعظم عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم بمنهجه علم الأمة أن لا استعباد ولارق في الإسلام، واشترى بلال من سيده واعتقه كنموذج للحرية وتطبيقها.. وفي عصور ما بعد سيد الخلق أستلذ الإنسان العبودية للبشر ما أخل بميزان العدالة والرحمة، فلم يستقر للأمة قرار واتجه الإنسان نحو الاستكبار واستعباد الناس وإذلالهم.. ولذلك جاء البيان الرباني ليؤكد أن الله الخالق بصير ورؤوف بالعباد وقال "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ"، ولم يقل عبيد إلا في مواضع وآيات تحكى عن القيامة، أى بعد خروج الإنسان من التكليف والاختيار وقال في آية أخرى " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ".
وبالعودة إلى موضوع عنوان المقال، نجد أن الإنسان باتجاهه نحو الدنيا وبوجود حب التسلط والقهر والاستعباد خاصة في هذا العصر، نجد أن المرء يسلك وينهج طريق النفاق والتضليل والكذب وخداع الآخرين من خلال انحيازه الكلي للحزب أو للمذهب أو للسلطة، حتى وان كانت غير عادلة وصادقة ومنصفة.. كما أن هناك من دجن الأمة على الاستعباد سياسياً.. فنجد أن العالم الذى لا يشق له غبار والزاهد والورع عندما يصطدم بمواقف حزبه أو مذهبه أو السلطة التي يتبعها يقبع بين خيارين؛ إما تنفيذ تعليمات الحزب أو طاعة الله، وهنا يتدخل الشيطان ليوسوس لهذا العالم ليحيد عن قول الحق ويتجه لارضاء الحزب ويمنيه ان مناصرته للباطل ستكسبه الجاه والمال والمنصب ويقنعه أن بإمكانه محو غضب الرب وكسب مغفرته بالقيام بالعمرة أو تقديم صدقة أو بناء مسجد... إلخ.
ولذلك فإن الاستعباد والعبودية السياسية بذرة شيطانية زرعت كمنهج مغاير لمنهج القرآن ولما أراده الله من استخلاف الإنسان.. وهذا السلوك لهذا العالم احبط الأمة، وعلى وجه الخصوص شبابها.. فنجد أن المسلم الموحد لا يقول الحق حتى لو سالت دماء أمامه، مقتدياً بهذا العالم الدنيوي الذي ارتضى لنفسه أن يكون عبداً للسياسة، بينما سنجد إن الإنسان غير المسلم يقول الحق من أول وهلة ولو على حساب نفسه.. فنجد من غير المسلمين من يقدم استقالته لعدم كفاءته، ونجد أن الصحفي يكتب بجرأة ما يمليه عليه ضميره.. بينما سنجد ان في أوساطنا نحن المسلمين، وخصوصاً الذين تربوا على الاسلام السلطوي يغالطون انفسهم ويدخلون الامة في وحل التخلف والتخاذل وحب الشكليات لأنهم ارتضوا لأنفسهم العبودية السياسية كي يحققوا شيئاً دنيوياً.
ولذلك فإن الاستعباد السياسي هو من منح وساعد المتسلطين من الرؤساء والملوك الزمن الأطول على رأس الدول ما أدى إلى انهيار الأمة وعدم تقدمها، وأصبح هذا الاستعباد وبالاً على الأمة تدفع ثمنه المجتمعات.. وكان الأساس في ذلك هو نشر الشيطان وأوليائه ثقافة العبودية والأستعباد وتدجين الأمة تحت شعار: (لن تأخذ حقك إلا منقوصآ ولذلك يجب ان تنافق وتستذل كي تحصل عليها كاملاً).
وفي المقابل نجد أن من استلذوا بحب الاستعباد والتسلط عندما يعود المؤمنون للتمسك بحبل الله ورفض الاستعباد ويقول كلمة الحق يدبر له المتسلطون المستعبدون أمراً خشية أن يتبعه الآخرون.
لذلك نرى كل هذا الذي يجري بأمة الإسلام التي هى خير الأمم، والتي لم يأمرها الله بالعبودية لا للسياسة ولا للمذهب ولا حتى للحزب.. فهذه كيانات لن تسأل عنها يوم القيامة، بل سيكون السؤال: لماذا تركت حبل الله وصراطه المستقيم الذى يمنحك القوة لقول الحق والشهادة لله وفي ذلك الفلاح المبين.. بينما تمسك الإنسان بالاسترضاء السياسي والحزبي والمذهبي يورد المجتمع المخاطر بسبب ذلك التوجه والانقياد الاستعبادي السياسي وعناية الله بشعبنا العظيم أن ألهم الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي رضي الله عنه استنهاض الأمة والرجوع للثقافة القرآنية التي كادت أن تغيب، بينما هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها وهي الجوهرة التي يبحث عنها الكيان الإنساني لإقامة العدل وعدم الخضوع إلا لله .
و ما زال المجال مفتوحاً أمام هؤلاء للتوبة والعودة للتمسك بحبل الله ما لم يصروا على المضي في كسب سخطه، خصوصاً وأنهم يعلمون أنه الحق ومن يعلم الحق ويتجاهله يرتكب أشد الذنوب والجرم على نفسة"قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ".

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا