أخبار وتقارير

عســير حكمها التبابعة.. وسكنتها قبائل يمانية

عســير حكمها التبابعة.. وسكنتها قبائل يمانية

• منطقة عسير ذكرت في النقوش المسندية بأرض الطود
• أهل عسير يسمون بلادهم بلاد اليمن ومعتزون بذلك
• كان للمحتل الأجنبي دور رئيسي في خروج عسير عن اليمن
• تضاريس عسير ومدنها وعادات أهلها حتى الزراعة ومواسم الأمطار فيها تتشابه مع اليمن الأم

اعداد علي الشراعي

تعتبر منطقة عسير إحدى المناطق اليمنية الشمالية والتي هي جزء لا يتجزأ من اليمن الأم ومرتبطة بها ارتباطا وثيقا تاريخيا وجغرافيا وطبيعيا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا منذ اقدم العصور الموغلة في القدم, وفي جميع أدواره التاريخية .
وما ينفصل عن الوطن الأم إلا في حالة هزات سياسية وعسكرية عنيفة تحصل لليمن أو لضعف السلطة المركزية التي يسودها الفساد والفوضى والصراعات الداخلية وتضيع البلاد ويتقسم الوطن ويتدخل المحتل ويسيطر الغزاة على اجزاء من اليمن الأم ليقسموا الوطن إلى كيانات ومناطق عديدة ومحاولين تغيير المسميات والحقائق التاريخية والجغرافية فيها ومنطقة عسير إحدى تلك المناطق المنزوعة من جسم اليمن .

أرض الطود
منطقة عسير تتصل ببلاد الحجاز شمالا ومن الشرق بلاد نجد ومن الغرب البحر الأحمر ومن الجنوب صعدة وهي امتداد في بنيتها وتضاريسها لليمن فكثير من جبالها تسمو إلى 1500 متر وتصل قمتها إلى ما يقرب 3300متر وتصل مساحتها ما يقارب ثمانين ألف كيلو متر مربع وإطلاق اسم عسير على هذه المنطقة الشاسعة لم يأت إلا في فترة متأخرة, والاسم الأقدم لها طود في نقوش المسند أو أرض الطود والسراة عند الهمداني بكتابه صفة جزيرة العرب وجبال السراة هو الأشهر من أسمائها وأصل الاسم عسير مستحدث من اسم قبلي وتحدث عنه الهمداني في كتابه ولعل العثمانيين هم اول من عمم اسم عسير على تلك المنطقة فهم عندما سيطروا على اليمن قسموها إلى سناجغ كان بينهما (عسير سنجاغي) أي لواء تابع لصنعاء وكانت تشمل ستة أقضية هي بنو شهر وغامد وألمع ومحايل والقنفذة وصبيا وأبو عريش , أي تشمل عسير أو السراة وتهامتها. ومركزها مدينة صبيا وترتفع 1500 متر عن سطح البحر ومن بلدانها الساحلية القنفذة والليث وهما أهم موانئها, ومن مدنها التهامية صبيا وأبو عريش وضمد ومن مخاليفها القديمة عتر وقد ذكره الهمداني كما ذكر غيره كعكاد وضمد وحلي ابن يعقوب والزايب وجازان وأبي عريش وغيرها من تلك المناطق.

حكم التبابعة
تاريخيا كانت عسير بما فيها السروات خاضعة لتاج التبابعة منذ العصور القديمة فلما ظهر الإسلام ووفدت القبائل اليمنية لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت تعلن الولاء باسم اليمن وتصدر المراسيم والعهود باسم المناطق اليمنية ومن ضمنها قبائل عسير اليمنية واندرج هذا الاعتراف الطبيعي زمن الخلفاء الراشدين وايام الدولة الاموية والدولة العباسية, وكذلك سائر الدول التي تعاقبت على حكم اليمن حتى عهد حكم العثمانيين الأخيرة لليمن حيث احتلوها عام 1868م وجعلوها لواء تابعاً لصنعاء, فقد كانت عسير والسروات لواء مرتبطة بصنعاء وأهل عسير والسروات لا ينكرون ذلك ويسمون بلادهم بلاد اليمن ومعتزين بذلك وتضاريسها الطبيعية ووعورة مسالكها وصعوبة مجازاتها وكثرة الوهاد والجبال والشعاب والفجوات والاودية ولا يمكن اختراقها إلا من خلال فجوات حفرتها الطبيعة واهتدى اليها الإنسان وهي التي لا تزال حارسا امينا على البلاد من جميع الجهات كما في اليمن الأم.

قبائل عسير
يتضح جليا من خلال سبر اغوار التاريخ لمنطقة عسير وما ذكرته كتب المؤرخين أن القبائل اليمنية هي التي كانت تسيطر وتسكن منطقة عسير وغيرها من المناطق المجاورة لها.
وممن كتبوا عن عسير وغيرها من تلك المخاليف الشريف محسن بركات في كتابه الرحلة اليمانية وحافظ وهبه في كتابه جزيرة العرب وفؤاد حمزة في كتابه في بلاد عسير وله كتاب آخر قلب عسير وعمر رفيع في كتابه في ربوع عسير وكل تلك القبائل يغلب عليها انها كهلانية وان كان فيها قبائل حميرية كقبيلة نهد القضاعية وكقبيلة بنى مالك وبعض قبيلة قحطان المجاورة لقبيلة خولان بن عمرو وهي قضاعية ايضا, وقبيلة قحطان وقبيلة الأزد والتي هي فرع من قبيلة كهلان والتي تسكن السروات والتي يقال لها أزد السراة.
 ومن القبائل اليمنية التي تسكن عسير والسروات قبيلة وداعة والتي يقال لها وداعة الشام تميزها عن قبيلة وداعة حاشد , كذلك قبيلتا جنب وسنحان وهما من مذحج, من القبائل الكهلانية أيضا قبيلة شهران العريضة وقبيلة أكلب, وكذا قبيلة بجيلة التي منها الصحابي الجليل جرير بن عبدالله البجلي.
 وقد ذكر الشيخ حافظ وهبه في كتابه بأن سكان تلك المناطق بنحو مليون نسمة كما ان صاحب كتاب الرحلة اليمانية استطرد إحصاء النفوس والأشخاص هذه هي القبائل اليمنية التي تسكن عسير والسروات واعراض نجد باعتبار أصولها يمانية .

العنصر الأجنبي
وفي أواخر السيطرة العثمانية لليمن عام 1905م تغلب في المنطقة الأدارسة الذين امتد نفوذهم في عسير بدعم من إيطاليا , ثم من بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولي ليصلوا إلى الحديدة , وامتدت سيطرة الأدارسة لفترة طويلة غير أن حكمهم اعتراه الضعف منذ وفاة محمد الإدريسي في 1923م . وقد استغل الإمام يحيى حميد الدين الأمر فحاول استرداد عسير ونجران وطرد الأدارسة منها وتمكن من ارجاع معظم تهامة حتى ميدي وهدد جيزان والعاصمة صبيا فهرب الأمير علي الإدريسي إلى عدن وخلفه عمه السيد حسن الذي طلب مساعدة ابن سعود الذي أسرع في استغلال الفرصة فدفع قواته لتحتل صبيا وجيزان .
وعقد حسن الادريسي معاهدة حماية مع ابن سعود عام 1926م بواسطة احمد الشريف السنوسي الكبير الذي سارع من ليبيا لينقذ نسيبه الإدريسي . غير ان عبدالعزيز ابن سعود وطد نفوذه أكثر فضغط على الادريسي ليوقع معه على اتفاقية يعترف فيها بضم عسير والمناطق التي تحت يده إلى أملاك ابن سعود , غير ان الادريسي بعد الاتفاقية حاول التخلص من النفوذ السعودي فاستعان بالملك عبدالله ملك شرق الأردن وقامت قوات أردنية في صيف 1932م بغزو الحجاز مما شجع الادريسي على التحرك ضد ابن سعود غير ان الأخير تمكنت قواته من احتلال عسير وعاصمتها صبيا ففر حسن الادريسي إلى الإمام يحيى.

الصحوة المتأخرة
وفي ابريل 1933م حاول الإمام يحيى إخراج ابن سعود من عسير ونجران وأبها وغيرهما من المناطق اليمنية التي احتلها كصحوة ومقاومة متأخرة او كتصحيح خطأ فتكون نتائجها كارثية وتغلغلت القوات اليمنية في المناطق الجبلية بقيادة الأمير أحمد بن يحي حتى وصلت نجران, غير ان القوات السعودية اجتاحت السهل التهامي كله حتى وصلت إلى الحديدة وإلى قرب مدينة زبيد.. مما اضطر الإمام يحي إلى طلب الهدنة غير ان ابن سعود وافق على شرط إخلاء جبال نجران من القوات اليمنية وتسليمها للقوات السعودية وتسليم الادريسي وتمت المفاوضات وعلى اثرها عقدت معاهدة الطائف في 23 يونيو 1934م بين الإمام يحيى وابن سعود والتي كان على نتائجها خروج عسير ونجران من أيدي اليمنيين منذ ذلك التاريخ.

العادات الاجتماعية
يلاحظ من كتابه من كتب حول بلاد عسير من المعاصرين من عادات وتقاليد اهلها ولهجاتهم ومواسم ابتهاجهم وافراحهم وإقامة الأسواق الأسبوعية لتبادل التجارة وبيع منتوجات البلاد والمصنوعات اليدوية والإنتاج الزراعي ومباني المساكن والاحتفاظ بالجميل وإكرام الضيف وإنزال منازل الكرامة وغير ذلك من الصفات الأصيلة الكريمة تكاد تضاهي وتتشابه مع ما تتحلى به اليمن الأم.. كذلك مباني مدن عسير كمدينة أبها تتكون من طابقين إلى ثلاثة وتتكون من الحجارة واسوارها من اللبن وجميع المباني بشكل يمني تضارع ما يشابهها في الوطن .
 كذلك الزراعة في عسير لاتختلف عن زراعة مناطق اليمن الأخرى من فواكه وخضار وتزرع الذرة الرفيعة والقمح والتمر والكروم والنخيل والموز والبن وغير ذلك، كما ان مواسم الزراعة هي بالذات مواسم اليمن بدون استثناء وكذا مواسم الأمطار الموسمية لاتختلف عن مواسم امطار الوطن الكبير اليمن.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا